في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

30

( ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ؛ ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ) . .

فالعدل أن تحسب الحسنات وتحسب السيئات ؛ ثم يكون الجزاء .

والفضل هو هذا الذي يتجلى به الله على عباده المتقين هؤلاء أن يكفر عنهم أسوأ أعمالهم فلا يبقى لها حساب في ميزانهم . وأن يجزيهم أجرهم بحساب الأحسن فيما كانوا يعملون ، فتزيد حسناتهم وتعلو وترجح في الميزان .

إنه فضل الله يؤتيه من يشاء . كتبه الله على نفسه بوعده . فهو واقع يطمئن إليه المتقون المحسنون . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

والله سبحانه وتعالى سيكفّر عنهم أسوأ ما عملوا من السيئات في الدنيا ويغفر لهم كل ذنوبهم { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وهذا يدل على سعة رحمة الله ، وعظيمة غفرانه والحمد لله .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

ولما كان العاقل من قدم في كل أمر الأهم فالأهم فميز بين خير الخيرين فأتبعه ، وشر الشرين فاجتنبه ، كان المحسن من جعل أكبر ذنوبه نصب عينيه وعمل على هدمه ، فلذلك علل الإحسان بقوله : { ليكفر } أي يستر ستراً عظيماً كأنه قال : المحسنين الذين أحسنوا لهذا الغرض ، ويجوز أن يكون التعليل للجزاء ، وعبر بالاسم الأعظم لفتاً عن صفة الإحسان إشارة إلى عظيم الاجتهاد في العمل والإيذان بأنه لا يقدر على الغفران لمن يريد إلا مطلق التصرف فقال : { الله } أي الذي نصب المحسن جلاله وجماله بين عينيه ، فاستغرق في صفاته ابتغاء مرضاته ، فعبده كأنه يراه ، وحقق باعترافهم بالخطأ وقصدهم التكفير لما أهمهم فعلهم له بقوله : { عنهم أسوأ } العمل { الذي عملوا } وتابوا عنه بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود وقد علم أنه إذا محي الأكبر انمحى الأصغر لأن الحسنات يذهبن السيئات ، فلله در أهل البصائر والإخلاص في الإعلان والسرائر ولما أخبر بالتطهير من اوضار السيىء ، أتبعه الإخبار بالتنوير بأنوار الحسن فقال : { ويجزيهم أجرهم } أي الذي تفضل عليهم بالوعد به .

ولما كان تعالى مفضلا يزيد العمل الصالح ويربيه ، زاد الجار في الجزاء إعلاماً بأنه يجعل الأعمال الصالحة كلها مثل أعلاها فقال : { بأحسن } ولما كان مقصود هذه السورة أخص من مقصود سورة النحل ، وكانت " الذي " و " من " أقل إبهاماً من " ما " قال : { الذي } أي العمل الذي ، وهو كالأول من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه كخاتم فضة ، وأشار إلى مداومتهم على الخير بالتعبير بالكون والمضارع فقال : { كانوا يعملون * } مجددين له وقتاً بعد وقت لأنه في طبائعهم فهم عريقون في تعاطيه ، فمن كان في هذه الدار محسناً في وقت ما يعبد الله كأنه يراه فهو في الآخرة كل حين يراه ، قال القشيري ، ثم يجب أن يكون على أحسن الأعمال أحسن الثواب ، وأحسن الثواب الرؤية ، فيجب أن يكون على الدوام . وهذا استدلال قوي .