فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

ثم بيّن سبحانه ما هو الغاية مما لهم عند ربهم ، فقال : { لِيُكَفّرَ الله عَنْهُمْ أَسْوَأَ الذي عَمِلُواْ } ، فإن ذلك هو أعظم ما يرجونه من دفع الضرر عنهم ؛ لأن الله سبحانه إذا غفر لهم ما هو الأسوأ من أعمالهم غفر لهم ما دونه بطريقة الأولى ، واللام متعلقة بيشاءون ، أو بالمحسنين أو بمحذوف . قرأ الجمهور : { أسوأ } على أنه أفعل تفضيل . وقيل : ليست للتفضيل بل بمعنى : سيء الذي عملوا . وقرأ ابن كثير في رواية عنه " أسواء " بألف بين الهمزة ، والواو بزنة أجمال جمع سوء . { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } لما ذكر سبحانه ما يدلّ على دفع المضارّ عنهم ذكر ما يدلّ على جلب أعظم المنافع إليهم ، وإضافة الأحسن إلى ما بعده ليست من إضافة المفضل إلى المفضل عليه ، بل من إضافة الشيء إلى بعضه قصداً إلى التوضيح من غير اعتبار تفضيل . قال مقاتل : يجزيهم بالمحاسن من أعمالهم ، ولا يجزيهم بالمساوئ .

/خ35