في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

وفي نهاية الجولة يقرر حقيقة الموت وما بعده ، ويكشف لهم عن قلة الجدوى في فرارهم من الموت ، فهو حتم لا مهرب منه ، وما بعده من رجعة إلى الله ، وحساب على العمل حتم كذلك لا ريب فيه :

( قل : إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم . ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة ، فينبئكم بما كنتم تعملون ) . .

وهي لفتة من اللفتات القرآنية الموحية للمخاطبين بها وغير المخاطبين . تقر في الأخلاد حقيقة ينساها الناس ، وهي تلاحقهم أينما كانوا . . فهذه الحياة إلى انتهاء . والبعد عن الله فيها ينتهي للرجعة إليه ، فلا ملجأ منه إلا إليه . والحساب والجزاء بعد الرجعة كائنان لا محالة . فلا مهرب ولا فكاك .

روى الطبري في معجمه من حديث معاذ بن محمد الهذلي عن يونس عن الحسن عن سمرة مرفوعا : " مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب ، تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى ، حتى إذا أعيا وأنهر دخل جحره ،

فقالت له الأرض : يا ثعلب ! ديني . فخرج له حصاص . فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه فمات " . .

وهي صورة متحركة موحية عميقة الإيحاء . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

الغيب : ما غاب علمُه عن الخلق .

والشهادة : ما شاهدوه وعلموه .

ثم أخبر أن الموتَ عاقبة كل حيّ ، لا مهربَ منه فقال :

{ قُلْ إِنَّ الموت الذي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الغيب والشهادة فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

قل لهم أيها الرسول : إنكم ميتون ، ولا مهرب لكم من الموت ، ثم تُرجَعون إلى خالقكم الذي يعلمُ السر والعلانية ، فيخبركم بما كنتم تعملون ، وتحاسَبون على كل ما قلتموه وعملتموه . وأيّ تهديد ووعيد أشد من هذا القول لو كانوا يعقلون ! !

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

شرح الكلمات :

{ تفرون منه } : أي لأنكم لا تتمنونه أباً وذلك عين الفرار منه .

{ فإنه ملاقيكم } : أي حيثما اتجهتم فإنه ملاقيكم وجهاً لوجه .

{ ثم تردون إلى عالم الغيب الشهادة } : أي إلى الله تعالى يوم القيامة .

المعنى :

وقوله تعالى : { قل إن الموت الذي تفرون منه } أي قل لهم يا رسولنا إن الموت الذي تفرون منه ولا تتمنونه فراراً وخوفاً منه فإنه ملاقيكم لا محالة حيثما كنتم سوف يواجهكم وجهاً لوجه ثم تُردون إلى عالم الغيب والشهادة وهو الله تعالى الذي يعلم ما غاب في السماء والأرض ، ويعلم ما يسر عباده ، وما يعلنون وما يظهرون وما يخفون فينبئكم بما كنتم تعملون ويجزيكم الجزاء العادل إنه عليم حكيم .

الهداية

من الهداية :

- بيان أن ذوى الجرائم أكثر الناس خوفاً من الموت وفراراً منه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

هذا وإن كانوا لا يتمنون الموت بما قدمت أيديهم ، و يفرون{[1098]}  منه [ غاية الفرار ] ، فإن ذلك لا ينجيهم ، بل لا بد أن يلاقيهم الموت الذي قد حتمه الله على العباد وكتبه عليهم .

ثم بعد الموت واستكمال الآجال ، يرد الخلق كلهم يوم القيامة إلى عالم الغيب والشهادة ، فينبئهم بما كانوا يعملون ، من خير وشر ، قليل وكثير .


[1098]:- في ب: بل يفرون.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

ولما كان عدم تمنيهم علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم لموافقته ما أخبر به ، وكان ذلك فعل من يعتقد أن التمني يقدمه عن أجله وعدمه يؤخره ، فصاروا بين{[65314]} التكذيب بما عندهم ونهاية البلادة ، أمره صلى الله عليه وسلم بتنبيههم على بلادتهم تبكيتاً لهم فقال : { قل } وأكد إعلاماً لهم بأنه يلزم من فعلهم هذا إنكار الموت الذي لا ينكره أحد فقال : { إن الموت } وزاد في التقريع والتوبيخ بقوله : { الذي تفرون منه } أي بالكف عن التمني الذي هو أيسر ما يكون مع أنه يوصلكم إلى تكذيب من أنتم جاهدون في تكذيبه ، وأكد وقوعه بهم لأن عملهم عمل من هو منكر له{[65315]} ، وربطه بالفاء جعلاً لفرارهم كالسبب له ، فإن الجبن من أسباب الموت مع ما يكسب من العار كما قال : " إن الجبان حتفه من فوقه " أي هو غالب عليه غلبة{[65316]} العالي على السافل فقال : { فإنه ملاقيكم } أي مدرككم في {[65317]}كل وجه{[65318]} سلكتموه بالظاهر أو{[65319]} الباطن .

ولما كان الحبس في البرزخ أمراً - مع أنه لا بد منه - مهولاً ، نبه عليه وعلى طوله بأداة التراخي فقال : { ثم تردون } ونبه بالبناء للمفعول على القهر منه سبحانه والصغار منهم{[65320]} وأنه عنده{[65321]} في غاية السهولة { إلى عالم الغيب } وهو كل ما غاب عن العباد فهو مخبر عن أخلاقكم عن علم . ولما كان بعض الفلاسفة يقر بعلمه تعالى بالكليات ، وينكر علمه بالجزئيات قال : { والشهادة } وهي كل ما ظهر وتشخص ولو لواحد من الخلق قبل كونه وبعد كونه . ولما كان التوقيف على الأعمال فظيعاً مرجفاً ، قال مسبباً عن الرد : { فينبئكم } أي يخبركم إخباراً عظيماً مستقصى مستوفى { بما كنتم } أي بما هو لكم كالجبلة { تعملون * } أي بكل جزء منه مما {[65322]}برز إلى الخارج{[65323]} ومما كان في جبلاتكم ولو لقيتم لعلمتموه ليجازيكم عليه .


[65314]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[65315]:- من م، وفي الأصل وظ: به.
[65316]:- زيد من ظ وم.
[65317]:- من ظ وم، وفي الأصل: وقت.
[65318]:- من ظ وم، وفي الأصل: وقت.
[65319]:- من ظ وم، وفي الأصل "و".
[65320]:- من م: وفي الأصل وظ: لهم.
[65321]:- من م، وفي الأصل وظ: عندهم.
[65322]:- من ظ وم، وفي الأصل: خرج إلى الظاهر.
[65323]:- من ظ وم، وفي الأصل: خرج إلى الظاهر.