السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (8)

{ قل } أي : لهؤلاء يا أشرف الرسل { إن الموت الذي تفرون منه } بالكف عن التمني { فإنه ملاقيكم } أي : لا تفوتونه لاحق بكم .

تنبيه : في هذه الفاء وجهان : أحدهما : إنها داخلة لما تضمنه الاسم من معنى الشرط ، وحكم الموصوف بالموصول حكم الموصول في ذلك . قال الزجاج : لا يقال : إن زيداً فمنطلق ، وهاهنا قال : { فإنه ملاقيكم } لما في معنى الذي من الشرط أو الجزاء ، أي : إن فررتم منه فإنه ملاقيكم ، ويكون مبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار منه . الثاني : إنها مزيدة محضة لا للتضمن المذكور .

ولما كان الحبس في البرزخ أمراً لا بد منه مهولاً نبه عليه وعلى طوله بأداة التراخي فقال تعالى : { ثم تردون إلى عالم الغيب } أي : السر { والشهادة } أي : العلانية ، أو كل ما غاب عن الخلق ، وكل ما شوهد { فينبئكم } أي : يخبركم إخباراً عظيماً مستقصى مستوفى { بما كنتم } أي : بما هو لكم كالجبلة { تعملون } أي : بكل جزء منه بما برز إلى الخارج ، وبما كان في جبلاتكم ولو بقيتم لفعلتموه ليجازيكم .