في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

16

ويتسائل في استنكار : ( أفلا يتدبرون القرآن ) . . وتدبر القرآن يزيل الغشاوة ، ويفتح النوافذ ، ويسكب النور ، ويحرك المشاعر ، ويستجيش القلوب ، ويخلص الضمير . وينشيء حياة للروح تنبض بها وتشرق وتستنير ، ( أم على قلوب أقفالها ? )فهي تحول بينها وبين القرآن وبينها وبين النور ? فإن استغلاق قلوبهم كاستغلاق الأقفال التي لا تسمح بالهواء والنور !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

يتدبرون القرآن : يتفهمون معانيه ويتفكرون فيه .

أفلا يتفهّمون معاني القرآن ويتفكرون فيه ، أم أن قلوبهم مغلقةٌ كأن عليها الأقفال !

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

شرح الكلمات :

{ أفلا يتدبرون القرآن } : أي يتفكرون فيه فيعرفون الحق من الباطل .

{ أم على قلوب أقفالها } : أي بل على قلوب لهم أقفالها فهم لا يفهمون إن تدبروا .

المعنى :

ما زال السياق في تأديب المنافقين بعيبهم الإِنكار عليهم وتهديدهم لعلهم يرجعون إذ حالهم كحال المشركين في مكة فقال تعالى { أفلا يتدبرون القرآن } أي مالهم ؟ أغفلوا فلم يتدبروا القرآن أي يتفكروا فيه فيعرفوا الحق من الباطل والهدى من الضلال لأن القرآن نزل لبيان ذلك . أم على قلوب أقفالها أي بل على قلوب لهم أقفالها أي اقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعبر والحجج والأدلة والبراهين حتى يكون الله هو الذي يفتح تلك الأقفال ، والله تعالى يقفل ويفتح حسب سنن له في ذلك وقد ذكرنا هذا المعنى مرات في بيان الهداية والإِضلال .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب تدبر القرآن الكريم عن تلاوته أو سماعه وهو تفهم معانيه في حدود قدرة المسلم على الفهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

{ 24 } { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }

أي : فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله ، ويتأملونه حق التأمل ، فإنهم لو تدبروه ، لدلهم على كل خير ، ولحذرهم من كل شر ، ولملأ قلوبهم من الإيمان ، وأفئدتهم من الإيقان ، ولأوصلهم إلى المطالب العالية ، والمواهب الغالية ، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله ، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها ، والطريق الموصلة إلى العذاب ، وبأي شيء تحذر ، ولعرفهم بربهم ، وأسمائه وصفاته وإحسانه ، ولشوقهم إلى الثواب الجزيل ، ورهبهم من العقاب الوبيل .

{ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } أي : قد أغلق على ما فيها من الشر وأقفلت ، فلا يدخلها خير أبدا ؟ هذا هو الواقع .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

{ أفلا يتدبرون القرآن } فيتعظوا بمواعظه { أم على قلوب أقفالها } فليس تفهمها

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

الثانية- قوله تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن " أي يتفهمونه فيعلمون ما أعد الله للذين لم يتولوا عن الإسلام . " أم على قلوب أقفالها " أي بل على قلوب أقفال أقفلها الله عز وجل عليهم فهم لا يعقلون . وهذا يرد على القدرية والإمامية مذهبهم . وفي حديث مرفوع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إن عليها أقفالا كأقفال الحديد حتى يكون الله يفتحها ] . وأصل القفل اليبس والصلابة . ويقال لما يبس من الشجر : القفل . والقفيل مثله . والقفيل أيضا نبت . والقفيل : الصوت . قال الراجز :

لما أتاك يابسا قِرْشَبَّا *** قمت إليه بالقفيل ضربا

كيف قَرَيْتَ شَيْخَك الأَزَبَّا{[13946]}

القِرْشَبُّ ( بكسر القاف ) المسن ، عن الأصمعي . وأقفله الصوم أي أيبسه ، قاله القشيري والجوهري . فالأقفال ها هنا إشارة إلى ارتجاج القلب وخلوه عن الإيمان . أي لا يدخل قلوبهم الإيمان ولا يخرج منها الكفر ، لأن الله تعالى طبع على قلوبهم وقال : " على قلوب " لأنه لو قال على قلوبهم لم يدخل قلب غيرهم في هذه الجملة . والمراد أم على قلوب هؤلاء وقلوب من كانوا بهذه الصفة أقفالها .

الثالثة- في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ من القطيعة . قال : نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت : بلى . قال فذاك لك - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اقرؤوا إن شئتم " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم . أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " ] . وظاهر الآية أنها خطاب لجميع الكفار . وقال قتادة وغيره : معنى الآية فلعلكم ، أو يخاف عليكم ، إن أعرضتم عن الإيمان أن تعودوا إلى الفساد في الأرض لسفك الدماء . قال قتادة : كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله تعالى ألم يسفكوا الدماء الحرام ويقطعوا الأرحام وعصوا الرحمن . فالرحم على هذا رحم دين الإسلام والإيمان ، التي قد سماها الله إخوة بقوله تعالى : " إنما المؤمنون إخوة " {[13947]} [ الحجرات : 10 ] . وعلى قول الفراء أن الآية نزلت في بني هاشم وبني أمية ، والمراد من أضمر منهم نفاقا ، فأشار بقطع الرحم إلى ما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم من القرابة بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم . وذلك يوجب القتال . وبالجملة فالرحم على وجهين : عامة وخاصة ، فالعامة رحم الدين ، ويوجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله ونصرتهم ، والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم ، والنصفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة ، كتمريض المرضى وحقوق الموتى من غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم ، وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم . وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه ، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة ، كالنفقة وتفقد أحوالهم ، وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم ، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة ، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب . وقال بعض أهل العلم : إن الرحم التي تجب صلتها هي كل رحم محرم وعليه فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال . وقيل : بل هذا في كل رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث ، محرما كان أو غير محرم . فيخرج من هذا أن رحم الأم التي لا يتوارث بها لا تجب صلتهم ولا يحرم قطعهم . وهذا ليس بصحيح ، والصواب أن كل ما يشمله ويعمه الرحم تجب صلته على كل حال ، قربة ودينية ، على ما ذكرناه أولا والله أعلم . قد روى أبو داود الطيالسي في مسنده قال : حدثنا شعبة قال أخبرني محمد بن عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن للرحم لسانا يوم القيامة تحت العرش يقول : يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسيء إلي فيجيبها ربها ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ) . وفي صحيح مسلم عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل الجنة قاطع ) . قال ابن أبي عمر قال سفيان : يعني قاطع رحم . ورواه البخاري .

الرابعة- قوله عليه السلام : ( إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم . . . ) " خلق " بمعنى اخترع وأصله التقدير ، كما تقدم{[13948]} . والخلق هنا بمعنى المخلوق . ومنه قوله تعالى : " هذا خلق الله " {[13949]} [ لقمان : 11 ] أي مخلوقه . ومعنى [ فرغ منهم ] كمل خلقهم . لا أنه اشتغل بهم ثم فرغ من شغله بهم ، إذ ليس فعله بمباشرة ولا مناولة ، ولا خلقه بآلة ولا محاولة ، تعالى عن ذلك . وقوله : [ قامت الرحم فقالت ] يحمل على أحد وجهين : أحدهما : أن يكون الله تعالى أقام من يتكلم عن الرحم من الملائكة فيقول ذلك ، وكأنه وكل بهذه العبادة من يناضل عنها ويكتب ثواب من وصلها ووزر من قطعها ، كما وكل الله بسائر الأعمال كراما كاتبين ، وبمشاهدة أوقات الصلوات ملائكة متعاقبين . وثانيهما : أن ذلك على جهة التقدير والتمثيل المفهم للإعياء وشدة الاعتناء . فكأنه قال : لو كانت الرحم ممن يعقل ويتكلم لقالت هذا الكلام ، كما قال تعالى : " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله " ثم قال " وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون " {[13950]} [ الحشر : 21 ] . وقوله : ( فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة ) مقصود هذا الكلام الإخبار بتأكد أمر صلة الرحم ، وأن الله سبحانه قد نزلها بمنزلة من استجار به فأجاره ، وأدخله في ذمته وخَفَارَتِه{[13951]} . وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول وعهده غير منقوض . ولذلك قال مخاطبا للرحم : ( أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ) . وهذا كما قال عليه السلام : [ ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه بذمته بشيء يدركه ثم يكبه في النار على وجهه ] .


[13946]:الأزب (بالفتح والتشديد): الكثير الشعر.
[13947]:آية 10 سورة الحجرات.
[13948]:راجع ج 1 ص 226.
[13949]:آية 11 سورة لقمان.
[13950]:آية 21 سورة الحشر.
[13951]:الخفارة (بالضم والكسر): الذمام.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

ولما أخبر بذلك فكان ربما سأل من لا يعي الكلام حق وعيه عن السبب الموجب للعن المسبب للصم{[59750]} والعمى ، أجابه{[59751]} بقوله منكراً موبخاً مظهراً لتاء التفعل إشارة إلى أن المأمور به صرف جميع الهمة إلى التأمل : { أفلا يتدبرون } أي كل من له أهلية التدبر بقلوب منفتحة منشرحة ليهتدوا إلى كل-{[59752]} خير { القرآن } بأن يجهدوا أنفسهم في أن يتفكروا في الكتاب الجامع لكل خير الفارق بين كل ملبس تفكر من ينظر في أدبار الأمور وماذا يلزم من عواقبها ليعلموا أنه لا عون{[59753]} على الإصلاح في الأرض وصلة الأرحام والإخلاص لله في لزوم كل طاعة والبراءة من كل معصية مثل الأمر بالمعروف من الجهاد بالسيف وما دونه ، وربما دل إظهار التاء على أن ذلك من أظهر ما في القرآن من المعاني ، فلا يحتاج في العثور عليه إلى كبير تدبر- والله أعلم .

ولما كان الاستفهام إنكارياً فكان معناه نفياً ، فهو لكونه{[59754]} داخلاً على النفي نفي له فصار إثباتاً ، فكان كأنه قيل : هل يجددون التدبر تجديداً مستمراً لترق قلوبهم به وتنير بصائرهم له ، فيكفوا عن الإفساد والتقطيع ، عادله بقوله مشبهاً للقلوب بالصناديق دالاً على ذلك التشبيه بذكر ما هو مختص بالصناديق من الأقفال : { أم على قلوب } من قلوب الغافلين لذلك ، ونكرها لتبعيضها وتحقيرها بتعظيم قسوتها { أقفالها * } أي الحقيقة{[59755]} بها الجديرة بأن تضاف إليها ، فهي لذلك لا تعي شيئاً ولا تفهم أمراً ولا تزداد إلا غباوة وعناداً ، لأنها لا تقدر على التدبر ، قال القشيري : فلا تدخلها زواجر التنبيه ولا ينبسط عليها شعاع العلم ، فلا يحصل لهم فهم الخطاب ، والباب إذا كان مقفلاً فكما لا يدخل فيه شيء فلا يخرج ما فيه ، فلا كفرهم يخرج ولا الإيمان الذي يدعون إليه يدخل - انتهى . والإضافة تشعر بأن بعض-{[59756]} المتولين على قلوبهم أقفال ، لكن ليست متمكنة فيها ، فهو سبحانه يفتحها بالتوبة عليهم {[59757]}إذا أراد{[59758]} ، وأما الأولون فلا صلاحية لهم ، وفي هذه الآية أعظم حاث على قبول{[59759]} أوامر الله لا سيما الجهاد {[59760]}في سبيله{[59761]} وأشد زاجر عن الإعراض عنه لأن حاصلها أنه لعن من أعرض عنه لكونه لا يتدبر القرآن مع وضوحه ويسره ليعلم فوائد الجهاد الداعية إليه المحببة{[59762]} فيه ، فكان كأن-{[59763]} قلبه مقفل ، والآية من الاحتباك : ذكر التدبر أولاً دليلاً على ضده ثانياً ، والأقفال ثانياً دليلاً على ضدها أولاً ، وسره أنه ذكر نتيجة الخير الكافلة بالسعادة أولاً وسبب الشر الجامع للشقاوة ثانياً .


[59750]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عن الصمم.
[59751]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أجابهم.
[59752]:زيد من م ومد.
[59753]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يجوز.
[59754]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لكنه.
[59755]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الحقيرة.
[59756]:زيد من ظ و م ومد.
[59757]:وقع في الأصل بعد"سبحانه" والترتيب من ظ و م ومد.
[59758]:وقع في الأصل بعد"سبحانه" والترتيب من ظ و م ومد.
[59759]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: قلوب.
[59760]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59761]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59762]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: للحبة.
[59763]:زيد من م ومد.