الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

أما قوله تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } .

أخرج إسحاق بن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } فقال شاب من أهل اليمن بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «صدقت فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي فاستعان به » .

وأخرج الدارقطني في الافراد وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } فقال شاب عند النبي صلى الله عليه وسلم : بل والله عليها أقفالها حتى يكون الله هو الذي يفكها . فلما ولي عمر وسأل عن ذلك الشاب ليستعمله ، فقيل : قد مات .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { أفلا يتدبرون القرآن } قال : إذاً والله في القرآن زاجر عن معصية الله قال : لم يتدبره القوم ويعقلوه ولكنهم أخذوا بمتشابهه فهلكوا عند ذلك .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال : ما من عبد إلا له أربع أعين عينان في وجهه يبصر بهما دنياه وما يصلحه من معيشته ، وعينان في قلبه يبصر بهما دينه وما وعد الله بالغيب فإذا أراد الله بعبد خيراً فتح عينيه اللذين في قلبه فأبصر بهما ما وعد بالغيب ، وإذا أراد الله بعبد سوءاً ترك القلب على ما فيه وقرأ { أم على قلوب أقفالها } وما من عبد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره لاوٍ عنقه على عنقه فاغر فاه على قلبه .

وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً إلى قوله : وقرأ { أم على قلوب أقفالها } .

وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يأتي على الناس زمان يخلق القرآن في قلوبهم يتهافتون تهافتاً ، قيل يا رسول الله : وما تهافتهم ؟ قال : يقرأ أحدهم فلا يجد حلاوة ولا لذة يبدأ أحدهم بالسورة وإنما معه آخرها فإن عملوا قالوا ربنا اغفر لنا ، وإن تركوا الفرائض قالوا : لا يعذبنا الله ونحن لا نشرك به شيئاً أمرهم رجاء ولا خوف فيهم { أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } » .