تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{تلك إذا قسمة ضيزى} يعني جائزة عوجاء أن يكون لهم الذكر وله الأنثى..
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"ألَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى "يقول: أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم.
"تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى" يقول جلّ ثناؤه: قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية، ناقصة غير تامة، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه، والعرب تقول: ضِزته حقه -بكسر الضاد- وضُزته –بضمها- فأنا أضيزه وأضوزه، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته... وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: "قِسْمَةٌ ضِيزَى" قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنها، فقال بعضهم: قِسْمة عَوْجاء... وقال آخرون: قسمة جائرة... وقال آخرون: قسمة منقوصة... وقال آخرون: قسمة مخالفة...
{تلك إذا قسمة ضيزى} فيه مسائل:
المسألة الأولى: (تلك) إشارة إلى ماذا؟ نقول إلى محذوف تقديره تلك القسمة قسمة ضيزى أي غير عادلة، ويحتمل أن يقال معناه تلك النسبة قسمة، وذلك لأنهم ما قسموا وما قالوا لنا البنون وله البنات، وإنما نسبوا إلى الله البنات وكانوا يكرهونهن كما قال تعالى: {ويجعلون لله ما يكرهون} فلما نسبوا إلى الله البنات حصل من تلك النسبة قسمة جائزة وهذا الخلاف لا يرهق.
المسألة الثانية: {إذا} جواب ماذا؟ نقول يحتمل وجوها: (الأول) نسبتكم البنات إلى الله تعالى إذا كان لكم البنون قسمة ضيزى (الثاني) نسبتكم البنات إلى الله تعالى مع اعتقادكم أنهن ناقصات واختياركم البنين مع اعتقادكم أنهم كاملون إذا كنتم في غاية الحقارة والله تعالى في نهاية العظمة قسمة ضيزى.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان الاستفهام إنكارياً رد الإنكار بقوله فذلكة لفعلهم: {تلك} أي هذه القسمة البعيدة عن الصواب {إذاً} أي إذ جعلتم البنات له والبنين لكم {قسمة ضيزى}.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: ظالمة جائرة، وأي ظلم أعظم من قسمة تقتضي تفضيل العبد المخلوق على الخالق؟ تعالى عن قولهم علوا كبيرا.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وجملة {تلك إذا قسمة ضيزى} تعليل للإنكار والتهكم المفاد من الاستفهام في {ألكم الذكر وله الأنثى}، أي قد جرتُم في القسمة وما عدلتم فأنتم أحقاء بالإِنكار.والإِشارة ب {تلك} إلى المذكور باعتبار الإِخبار عنه بلفظ {قسمة} فإنه مؤنث اللفظ. و {إذن} حرف جواب أريد به جواب الاستفهام الإِنكاري، أي ترتب على ما زعمتم أن ذلك قسمة ضِيزى، أي قسمتم قسمة جائرة. وهذا وسم لهم بالجور زيادة على الكفر، لأن التفكير في الجور كفعله، فإن تخيلات الإِنسان ومعتقداته عنوان على أفكاره وتصرفاته.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي جائرة لا تخضع للعدل في ميزان التقييم بالقياس إلى المفهوم السائد عندهم، أمّا عند الله، فلا فرق بين الذكر والأنثى، فكل واحدٍ منهما مخلوقٌ له، ولا علاقة له بأحدهما دون الآخر، فالجميع متساوون أمامه في العبودية.
" تلك إذا " يعني هذه القسمة " قسمة ضيزى " أي جائرة عن العدل ، خارجة عن الصواب ، مائلة عن الحق . يقال : ضاز في الحكم أي جار ، وضاز حقه يضيزه ضيزا - عن الأخفش - أي نقصه وبخسه . قال : وقد يهمز فيقال ضأزه يضأزه ضَأْزاً وأنشد :
فإن تَنْأَ عنا نَنْتَقِصْكَ وإن تُقِمْ{[14389]} *** فَقِسْمُك مَضؤُوزٌ وأنفك راغِمُ
وقال الكسائي : يقال ضاز يضيز ضيزا ، وضاز يضوز ، وضأز يضأز ضأزا إذا ظلم وتعدى وبخس وانتقص ، قال الشاعر{[14390]} :
ضَازتْ بنو أسد بِحُكْمِهِم *** إذْ يجعلون الرأسَ كالذَّنَبِ
قوله تعالى : " قسمة ضيزى " أي جائرة ، وهي فعلى مثل طوبى وحبلى ، وإنما كسروا الضاد لتسلم الياء ؛ لأنه ليس في الكلام فعل صفة ، وإنما هو من بناء الأسماء كالشِّعرى والدِّفلى . قال الفراء : وبعض العرب تقول ضوزى وضئزى بالهمز . وحكى أبو حاتم عن أبي زيد : أنه . سمع العرب تهمز " ضيزى " . قال غيره : وبها قرأ ابن كثير ، جعله مصدرا مثل ذكرى وليس بصفة ؛ إذ ليس في الصفات فعلى ولا يكون أصلها فعلى ؛ إذ ليس فيها ما يوجب القلب ، وهي من قولهم ضأزته أي ظلمته . فالمعنى قسمة ذات ظلم . وقد قيل هما لغتان بمعنى . وحكى فيها أيضا سواهما ضيزى وضازى وضوزى وضؤزى . وقال المؤرج : كرهوا ضم الضاد في ضيزى ، وخافوا انقلاب الياء واوا وهي من بنات الواو ، فكسروا الضاد لهذه العلة ، كما قالوا في جمع أبيض بيض ، والأصل بُوضٌ ، مثل حُمْر وصُفْر وخُضْر . فأما من قال : ضاز يضوز فالاسم منه ضُوزَى مثل شورى .
ولما كان الاستفهام إنكارياً رد الإنكار بقوله فذلكة لفعلهم : { تلك } أي هذه القسمة البعيدة عن الصواب { إذاً } أي إذ جعلتم البنات له والبنين لكم { قسمة ضيزى * } أي جائرة ناقصة ظالمة فيما يحسن للحق للغاية عرجاء غير معتدلة حيث خصصتم به ما أوصلتكم الكراهة له إلى دفنه حياً ، وقد علم أن الآية من الاحتباك : دل ذكر اسمها في أسلوب الإنكار على حذف إنكار كونها آلهة وإنكار تخصيصة بالإناث على حذف ما يدل على أنهم جعلوها بناته .