الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

{ قسمة ضيزى } [ 22 ] أي : قسمة جائرة على {[65808]} الحق ، وذلك أن المشركين أخذوا اسم الباري وهو الله ، وزادوا فيه التأنيث وسموا به أصنامهم فقالوا {[65809]} اللات ، وكذلك أخذوا العزى من العزيز وأخذوا منات من : منى الله الشي : إذ قدره ، وزعموا أنها بنات الله تعالى الله {[65810]} عن ذلك علوا كبيرا ، فجعلوا لله ما لا يرضون لأنفسهم .

قال أبو عبيدة : هي أصنام كانت في جوف الكعبة يعبدونها {[65811]} .

وقرأ مجاهد " اللات " بالتشديد ، وكذلك قرأ ابن عباس {[65812]} ، وقالا {[65813]} : كان رجلا يلت السويق أيام الحج فلما مات عكفوا على قبره فبعدوه {[65814]} .

وقيل : كان يقوم على ألهتهم ويلت السويق لهم ، وكان بالطائف قاله أبو صالح والسدي {[65815]} . وقيل : كان {[65816]} يلت السويق ويبيعه عند ذلك الصنم ، فسمى الصنم اللات بتشديد التاء {[65817]} . وحكى خلف {[65818]} عن سليم {[65819]} عن حمزة {[65820]}وأبو عبد الرحمن عن ( اليزيدي ) {[65821]} {[65822]} عن أبي عمرو أنهما وقفا على اللات {[65823]} بالتاء ، اتباعا للمصحف ، وكذلك وقف نافع .

وروي عن الكسائي أنه وقف بالهاء ، والمشهور عن جميعهم الوقف على التاء اتباعا للمصحف وإبعادا أن يشبه الوقف على الله {[65824]} .

والعزى : حجر أبيض كانوا يعبدونه قاله ابن جبير {[65825]} .

وقال مجاهد : العزى شجرة {[65826]} كانوا يعبدونها {[65827]} .

وقال ابن زيد : العزى بيت بالطائف لثقيف كانوا يعبدونه {[65828]} .

وقال قتادة : {[65829]} هو نبت كان ببطن نخلة ، وأما منات فصنم كان لخزاعة {[65830]} .

وقال قتادة : [ التقدير ] {[65831]} آلهة يعبدونها وهي اللات والعزى ومنات .

قال أبو إسحاق : " منات " صخرة لهذيل وخزاعة كانوا يعبدونها من دون الله/جل وعز {[65832]} وتعالى عن ذلك {[65833]} .

وقيل : اللات صنم كان لثقيف ، والعزى سمرة عبدوها .

وقوله : { تلك إذا قسمة ضيزى } أي : قسمة جائرة ناقصة إذ رضيتم أن تجعلوا لخالقكم ورازقكم ما تكرهونه لأنفسكم وآثرتم أنفسكم بما تحبون {[65834]} .

( وضيزى فعلى ) {[65835]} ولكن كسرت ، وإنما كان أصلها الضم إذ ليس في {[65836]} الكلام فعلى صفة وفيه ( فعلى وفعلى ) {[65837]} فكسرت الضاد لتصح الياء ، كما قالوا بيض وأصله بوض . ومن همزه فهي لغة يقال ضازه يضوزه وضأزه يضأزه .

ويقال : ضزته وضزته إذا نقصته حقه ، فيقال على هذا ضئزى بالهمز وضؤزى أيضا {[65838]} .

وجواب الاستفهام محذوف ، والتقدير : أفرأيتم هذه الأصنام هل لها من هذه القدرة التي تقدم ذكرها شيء .

وقال أبو عبيدة : التقدير ألكم الذكر وله الأنثى كيف يكون هذا لأنهم قالوا الملائكة بنات الله جل ذكره . وقيل الجواب : { تلك إذا قسمة ضيزى } {[65839]} .


[65808]:ع: "عن".
[65809]:ع: "وقالوا".
[65810]:ساقط من ع.
[65811]:انظر : مجاز أبي عبيدة 2/236، والبحر المحيط 8/160.
[65812]:انظر: زاد المسير 8/72، والبحر المحيط 8/160، والنشر 2/379.
[65813]:ح: "قال".
[65814]:انظر: جامع البيان 27/35، وتفسير القرطبي 17/100، وزاد المسير 8/72. وابن كثير 4/254، والدر المنثور 7/653.
[65815]:انظر: تفسير القرطبي 17/100.
[65816]:ع: "كانت".
[65817]:انظر: معالم التنزيل 6/262، والبحر المحيط 8/160.
[65818]:هو خلف بن أحمد أمير سجستان وينسب إليها، روى الحديث، جمع كبار العلماء في بلاده، فصنفوا معه "تفسيرا" للقرآن الكريم، من أكبر الكتب اشتمل على أقوال من تقدمه من المفسرين والقراء والنحاة والمحدثين. انظر: الكامل لابن الأثير 9/82 -84.
[65819]:هو سليم بن عامر الكلاعي الحمصي، حدث عن أبي الدرداء وتميم الداري والمقداد بن الأسود وعوف بن مالك وأبي هريرة، حدث عنه محمد بن الوليد الزبيدي ومعاوية بن صالح، وثقه أحمد بن عبد الله العجلي وقال أبو حاتم لا بأس به. انظر: طبقات ابن سعد 7/464، والجرح والتعديل 4/211، وتهذيب الأسماء واللغات 1/232، وشذرات الذهب 1/140، وسير أعلام النبلاء 5/185.
[65820]:هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التيمي، الزيات، أحد القراء السبعة، كان عالما بالقراءات، انعقد الإجماع على تلقي قراءته بالقبول روى عن الحكم وطلحة بن مصرف، وقرأ على الأعمش وابن أبي ليلى، وعنه أخذ أبو الحسن والكسائي. انظر: وفيات الأعيان 2/216، وميزان الاعتدال 1/605.
[65821]:هو أبو محمد شيخ القراء يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري النحوي، وعرف باليزيدي لاتصاله بالأمير يزيد بن منصور خال المهدي تلا عليه خلق: منهم أبو عمر الدوري، وأبو شعيب السوسي، وعنه ابن محمد وأبو عبيد وإسحاق الموصلي وله اختيار في القراءة لم يخرج فيه عن السبع عاش أربعا وسبعين سنة وتوفي ببغداد سنة اثنتين ومئتين. انظر: وفيات الأعيان 6/183، وتاريخ بغداد 14/146، ومعجم الأدباء 20/30-32 وشذرات 2/4.
[65822]:ع: "المريدي" وهو تحريف.
[65823]:ح : "الثلاث" وهو تحريف.
[65824]:انظر: تفسير القرطبي 17/100، وغيث النفع في القراءات السبع 359.
[65825]:انظر: العمدة 286، وجامع البيان 27/35، وتفسير القرطبي 17/100.
[65826]:ع: "شجرات".
[65827]:انظر: جامع البيان 27/35 وزاد المسير 8/72، والدر المنثور 7/653.
[65828]:انظر: جامع البيان 27/35.
[65829]:ساقط من ع.
[65830]:انظر: العمدة 286، وجامع البيان 27/35، وتفسير القرطبي 17/100.
[65831]:ع، ح: "بقدير".
[65832]:ع: "جل وتعالى".
[65833]:انظر: تفسير القرطبي 17/100.
[65834]:انظر: العمدة 287، وتفسير الغريب 428.
[65835]:ع: "وضيزى" فعل وأصلها فعل".
[65836]:ساقط من ع.
[65837]:ع: "فعل وفعل".
[65838]:جاء في الصحاح مادة "ضيز" ضاز في الحكم، أي جار، يقال ضازه حقه يضيزه ضيزا، عن الأخفش، أي بخسه ونقصه، قال: وقد يهمز ضأزه ضأزا وقوله تعالى: {قسمة ضيزى} أي جائرة وهي فعلى، مثل طوبي وحبلى، وإنما كسروا الضاد لتسلم الياء، لأنه ليس في الكلام فعلى صفة وإنما هو من بناء الأسماء كالشعرى والدفلى: قال الفراء: وبعض العرب يقول: ضئزي وضؤزى بالهمز. وحكى أبو حاتم عن أبي زيد أنه سمع العرب تهمز ضيزى. راجع الصحاح 3/883، والكتاب لسيبويه 4/363. وانظر: هذا التوجيه في الكشف 2/295، وإعراب النحاس 4/272، وزاد المسير 8/73، والإملاء 2/130، والحجة 336، وتفسير الغريب 428. وحجة القراءات 686، وغريب القرآن وتفسيره 170.
[65839]:ع: "ضيزا".