تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

الآية 22 ثم قوله{[20074]} تعالى : { تلك إذًا قسمة ضيزى } أي تلك قسمة جور وظلم ، أي صرف شكر المُنعِم إلى غير المنعم وتوجيه العبادة [ إلى ]{[20075]} من لا يستحقه وردّ مواهبه . على هذه الوجوه يُشْبه أن يخرّج الآية ، وإلا فلا يدرى ظاهرها ؟ وما تأويلها ؟ وما جواب هذا الحرف ؟ الله أعلم .

ثم قوله تعالى : { اللاّت } قرأ مجاهد [ وغيره ]{[20076]} مشدّد التاء ، فقالوا : هو رجل كان يقوم على آلهتهم ، ويلُتّ لها السّويق بالزيت ، فيُطعمه الناس . وروى أبو{[20077]} الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[20078]} قال : كان يلُتُّ السّويق للحاج .

ومن قرأ مُخَفّف التاء جعلوه اسم الصنم مثل العُزّى ومَناة ، وهي آلهة كانوا يعبدونها .

ذكر قتادة في تفسيره : كان اللاّت بالطائف ، والعزّى ببطن نخلة ، ومناة بقُدَيد .

وقوله تعالى : { تلك إذا قسمة ضيزى } قال القتبيّ : هي في الأصل : ضُيزَى على وزن فُعلى ، فكُسرت الضاد للياء ، وليس في النعوت فِعلى ، أي قسمة جائزة .

وقال أبو عوسجة : { ضيزى } أي غير مُنصِفة ، والضَّأْزُ في الأصل : الجَورُ : وقال أبو عبيدة : ناقصة .

وقال بعض الناس : إن النبي صلى الله عليه وسلم لما{[20079]} تلا قوله تعالى : { أفرأيتم اللاّت والعُزّى } { ومناة الثالثة الأخرى } ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العُلا ، شفاعتهن تُرجى ، ومثلهنّ لا يُنسى ، ثم قال بعضهم : الغرانيق العلا الملائكة ، وقال بعضهم : الأصنام التي يعبدونها على رجاء الشفاعة لهم بقولهم : { هؤلاء شفعاءنا عند الله } [ يونس : 18 ] .

لكن لا يُحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أو يُجري على لسانه ما ذكروا ، والله تعالى قال : { ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل } { لأخذنا منه باليمين } { ثم لقطعنا منه الوتين } [ الحاقة : 44 إلى 46 ] ولو جاز أن يُجزي على لسانه لتُوهِّم منه التقوُّل ، وذلك بعيد . وقال في آية أخرى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويُسلّموا تسليمًا } [ النساء : 65 ] ولو جاز ذلك لجاز أن يجري الله الكذب على لسانه ، فلا يكون في من وجد من الحرج في قضائه ما ذكروا ، وهو الكفر . دلّ أن ما ذكروه فاسد . ولو ثبت أن ما ذُكر أنه جرى على لسانه تلك الكلمات ، أو ألقى الشيطان في فمه ؛ يريد بذلك الغرانيق العُلا ، شفاعتهن ترجى عندهم وفي زعمهم ، وهو كقول موسى عليه السلام { وانظر إلى إلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفًا } [ طه : 97 ] أي إلهك الذي هو عندك إله ، وإلا يحتمل أن يكون موسى عليه السلام يسمّي العجل إلها ، وكقوله تعالى : { فراغ إلى آلهتهم } [ الصافات : 91 ] أي إلى [ الآلهة التي ]{[20080]} عندهم وقوله تعالى : { أين شركائي الذين كنتم تزعُمون } [ القصص : 62 و74 ] أنها شركائي ؛ فقد ذكرنا هذا على التّمام في سورة الحج وقوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيّته } الآية [ الحج : 52 ] والله أعلم .


[20074]:في الأصل وم: أخبر وقال.
[20075]:ساقطة من الأصل وم.
[20076]:من م، ساقطة من الأصل، انظر مختصر من شواذ القرآن /147.
[20077]:في الأصل وم: ابن.
[20078]:ساقطة من الأصل وم.
[20079]:من م، في الأصل: ثم.
[20080]:في الأصل وم: آلهة.