الآية 22 ثم قوله{[20074]} تعالى : { تلك إذًا قسمة ضيزى } أي تلك قسمة جور وظلم ، أي صرف شكر المُنعِم إلى غير المنعم وتوجيه العبادة [ إلى ]{[20075]} من لا يستحقه وردّ مواهبه . على هذه الوجوه يُشْبه أن يخرّج الآية ، وإلا فلا يدرى ظاهرها ؟ وما تأويلها ؟ وما جواب هذا الحرف ؟ الله أعلم .
ثم قوله تعالى : { اللاّت } قرأ مجاهد [ وغيره ]{[20076]} مشدّد التاء ، فقالوا : هو رجل كان يقوم على آلهتهم ، ويلُتّ لها السّويق بالزيت ، فيُطعمه الناس . وروى أبو{[20077]} الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[20078]} قال : كان يلُتُّ السّويق للحاج .
ومن قرأ مُخَفّف التاء جعلوه اسم الصنم مثل العُزّى ومَناة ، وهي آلهة كانوا يعبدونها .
ذكر قتادة في تفسيره : كان اللاّت بالطائف ، والعزّى ببطن نخلة ، ومناة بقُدَيد .
وقوله تعالى : { تلك إذا قسمة ضيزى } قال القتبيّ : هي في الأصل : ضُيزَى على وزن فُعلى ، فكُسرت الضاد للياء ، وليس في النعوت فِعلى ، أي قسمة جائزة .
وقال أبو عوسجة : { ضيزى } أي غير مُنصِفة ، والضَّأْزُ في الأصل : الجَورُ : وقال أبو عبيدة : ناقصة .
وقال بعض الناس : إن النبي صلى الله عليه وسلم لما{[20079]} تلا قوله تعالى : { أفرأيتم اللاّت والعُزّى } { ومناة الثالثة الأخرى } ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العُلا ، شفاعتهن تُرجى ، ومثلهنّ لا يُنسى ، ثم قال بعضهم : الغرانيق العلا الملائكة ، وقال بعضهم : الأصنام التي يعبدونها على رجاء الشفاعة لهم بقولهم : { هؤلاء شفعاءنا عند الله } [ يونس : 18 ] .
لكن لا يُحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أو يُجري على لسانه ما ذكروا ، والله تعالى قال : { ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل } { لأخذنا منه باليمين } { ثم لقطعنا منه الوتين } [ الحاقة : 44 إلى 46 ] ولو جاز أن يُجزي على لسانه لتُوهِّم منه التقوُّل ، وذلك بعيد . وقال في آية أخرى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويُسلّموا تسليمًا } [ النساء : 65 ] ولو جاز ذلك لجاز أن يجري الله الكذب على لسانه ، فلا يكون في من وجد من الحرج في قضائه ما ذكروا ، وهو الكفر . دلّ أن ما ذكروه فاسد . ولو ثبت أن ما ذُكر أنه جرى على لسانه تلك الكلمات ، أو ألقى الشيطان في فمه ؛ يريد بذلك الغرانيق العُلا ، شفاعتهن ترجى عندهم وفي زعمهم ، وهو كقول موسى عليه السلام { وانظر إلى إلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفًا } [ طه : 97 ] أي إلهك الذي هو عندك إله ، وإلا يحتمل أن يكون موسى عليه السلام يسمّي العجل إلها ، وكقوله تعالى : { فراغ إلى آلهتهم } [ الصافات : 91 ] أي إلى [ الآلهة التي ]{[20080]} عندهم وقوله تعالى : { أين شركائي الذين كنتم تزعُمون } [ القصص : 62 و74 ] أنها شركائي ؛ فقد ذكرنا هذا على التّمام في سورة الحج وقوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيّته } الآية [ الحج : 52 ] والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.