محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ} (22)

وقوله تعالى : { تلك } إشارة إلى القسمة المفهومة من الجملة الاستفهامية { إذا قسمة ضيزى } أي جائرة ، غير مستوية ، ناقصة غير تامة ، لأنكم جعلتم لربكم من الولد والندّ ما تكرهون لأنفسكم ، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه .

قال ابن جرير :{[6835]} والعرب تقول ( ضزته حقه ) بكسر الضاد ، و ) ضُزته ) بضمها ، فأنا أضيزه وأضوزه ، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته .

تنبيه :

قال السمين : قرأ ابن كثير { ضئزى } بهمزة ساكنة ، والباقون بياء مكانها . وقرأ زيد بن علي { ضيزى } بفتح الضاد والياء الساكنة . فأما قراءة العامة فتحتمل أن تكون من ( ضازه يضيزه ) إذا ضامه وجار عليه ، فمعنى { ضيزى } جائرة . وعلى هذا فتحتمل وجهين :

أحدهما – أن تكون صفة على ( فُعلى ) بضم الفاء ، وإنما كسرت الفاء لتصح الياء كبيض .

/ فإن قيل : وأي ضرورة إلى أن يقدر أصلها ضم الفاء ، ولم لا قيل ( فِعلى ) بالكسر ؟

فالجواب : أن سيبويه حكى أنه لم يرد في الصفات ( فِعلى ) بكسر الفاء ، وإنما ورد بضمها ، نحو حبلى وأنثى ورُبَّى وما أشبهه ، إلا أن غيره حكى في الصفات ذلك . حكى ثعلب : مشية حيكى ، ورجل كيسى ، وحكى غيره : امرأة عزهى وامرأة سعلى ، وهذا لا ينقض على سيبويه لأنه يقول في ( حيكى وكيسى ) كقوله في { ضيزى } لتصح الياء . وأما عزهى وسعلى فالمشهور فيهما عزهاة وسعلاة .

والوجه الثاني – أن تكون مصدرا كذكرى . قال الكسائيّ : يقال ضاز يضيز ضيزى ، كذكر يذكر ذكرى . ويحتمل أن يكون من ( ضأزه ) بالهمزة كقراءة ابن كثير ، إلا أنه خفف همزها ، وإن لم يكن من أصول القراء كلهم إبدال مثل هذه الهمزة ياء ، لكنها لغة التزمت ، فقرأوا بها . ومعنى ضأزه يضأزه بالهمزة ، نقصه ظلما وجورا ، وهو قريب من الأول . و { ضيزى } في قراءة ابن كثير مصدر وصف به ، ولا يكون وصفا أصليا ، لما تقدم عن سيبويه .

فإن قيل : لم لا قيل في { ضئزى } بالكسر والهمز ، أن أصله ضيزى بالضم فكسرت الفاء ، لما قيل فيها مع الياء ؟ .

فالجواب : أنه لا موجب هنا للتغيير ، إذ الضم مع الهمز لا يستثقل استثقاله مع الياء الساكنة وسمع منهم ( ضؤزى ) بضم الضاد مع الواو والهمزة .

وأما قراءة زيد فيحتمل أن تكون مصدرا وصف به ، كدعوى ، وأن تكون صفة كسكرى وعطشى . انتهى .


[6835]:انظر الصفحة رقم 60 من الجزء السابع و العشرين)طبعة الحلبي الثانية(.