قوله : { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى } ، «تلك » إشارة إلى محذوف تقديره تلكَ القِسْمَةُ قسمةٌ غير عادلةٍ . ويحتمل أن يقال : تلك النسبة ؛ أي التي نسبوها إلى الله بأَنَّ له البناتِ . وقوله ( إذَنْ ) جواب نسبتهم البنات إلى الله{[53557]} .
وقوله : «ضيزَى » قرأ ابن كثير ضِئْزَى بهمزة ساكنة والباقون بياء ساكنة{[53558]} . وزيد بن عليّ ضَيْزَى بفتح الضاد والياء الساكنة . فأما قراءة العامة فيحتمل أن تكون من ضَازَهُ يَضِيزُهُ إذا ضَامَهُ وجار عليه فمعنى ضِيزَى أي جائرة{[53559]} . وقال مجاهد ومقاتل : قِسْمَةٌ عَوْجَاءُ .
وقال الحسن : غير معتدلة ، قال الشاعر :
ضَازَتْ بَنُو أَسَدٍ بِحُكْمِهِمُ *** إذْ يَجْعَلُونَ الرَّأسَ كَالذَّنَبِ{[53560]}
أحدهما : أن تكون صفة على «فُعْلَى » - بضم الفاء - وإنما كسرت الفاء لتصحَّ الياء «كَبِيضٍ » . فإن قيل : وأي ضرورة إلى أن يقدر أصلها ضمّ الفاء ؟ ولم لا قيل : إنَّها فِعْلَى بالكسر ؟ .
فالجواب : أن سيبويه حكى أنه لم يرد في الصفات فِعْلَى - بكسر الفاء - إنما ورد بضَمِّها ، نحو : حُبْلَى وأُنْثَى ورُبَّى وما أشبهه إلا أنه قد حكى غيره في الصِّفات ذلك{[53561]} ؛ حكى ثعلب : مِشْيَةٌ حِيكَى{[53562]} . وَرُجلٌ كِيصَى{[53563]} ، وحكى غيره : امرأةٌ عِزْهَى{[53564]} ، وامرأة سِعْلَى{[53565]} . وهذا لا ينقض ، لأن سيبويه يقول في حِيكَى وكِيصَى كقوله في ضِيزَى : لتصحَّ الياء .
وأما عِزْهَى وسِعْلَى فالمشهور فهيما عِزْهَاةٌ وسِعْلاَةٌ . وقال البغوي : ليس في كلام العرب فِعْلَى بكسر الفاء في النعوت إنما يكون في الأسماء مثل ذِكْرَى ، وشِعْرَى{[53566]} .
والوجه الثاني : أن تكون مصدراً كَذِكْرَى .
قال الكسائي : يقال ضَازَ يَضِيزُ كَذكَرَ يَذْكُرُ ، ويحتمل أن يكون من ضَأَزَهُ بالهمز - كقراءة ابن كثير ، إلا أنه خفف همزها وإن لم يكن من أصول القراء كلهم إبدالُ مثل هذه الهمزة ياء لكنها لغة التزمت فقرأوا بها{[53567]} .
ومعنى ضَأَزَهُ يَضْأَزُهُ نَقَصَهُ ظلماً وجوراً .
وممن جوز أن تكون الياء بدلاً من همزة أبو عُبَيْدٍ وأن يكون أصلها ضُوزَى بالواو ، لأنه سمع ضَازَه يَضُوزهُ ضُوزَى وَضَازهُ يَضِيزُهُ ضِيزَى وَضَأَزَهُ يَضْأَزُهُ ضَأزاً ، حكى ذلك كله الكسائي{[53568]} . وحكى أبو عبيد : ضِزْتُهُ{[53569]} وضُزْتُهُ{[53570]} بكسر الفاء وضمها فكسرت الضاد من ضُوزَى ، لأن الضمة ثقيلةٌ مع الواو . وفعلوا ذلك ليَتَوصَّلوا به إلى قلبِ الواو ياءً{[53571]} وأنشد الأخضر على لغة الهمزة :
فَإنْ تَنْأَ عَنْهَا تَنْتَقِصْكَ وإنْ تَغِبْ *** فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وَأَنْفُكَ رَاغِمُ{[53572]}
وضيزَى في قراءة ابن كثير مصدر وُصِفَ به ، ولا يكون وصفاً أصلياً لما تقدم عن سيبويه . فإن قيلَ : لِمَ لا قيلَ في ضيزى بالكسر والهمز إنّ أصله ضُيْزى بالضم فكسرت الفاء كما قيل فيها مع ألفها ؟
فالجواب : أنه لا موجب هنا للتغيير ، إذ الضم مع الهمز لا يستثقل استثقاله مع الياء الساكنةِ .
وسمع منهم : ضُؤْزَى بضمِّ الضاد مع الواو والْهَمْزِ{[53573]} .
وأمَّا قراءة زيد{[53574]} فيحتمل أن تكون مصدراً وُصِفَ بِهِ كَدعوى وأن تكون صفة كسَكْرَى وعَطْشَى وغَضْبَى{[53575]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.