وينهي هذا الخطاب للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] بألا يطيع الكافرين والمنافقين ، وألا يحفل أذاهم له وللمؤمنين ، وأن يتوكل على الله وحده وهو بنصره كفيل :
( ولا تطع الكافرين والمنافقين ، ودع أذاهم ، وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) . .
وهو ذات الخطاب الوارد في أول السورة ، قبل ابتداء التشريع والتوجيه ، والتنظيم الاجتماعي الجديد . بزيادة توجيه النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ألا يحفل أذى الكافرين والمنافقين ؛ وألا يتقيه بطاعتهم في شيء أو الاعتماد عليهم في شيء . فالله وحده هو الوكيل ( وكفى بالله وكيلا ) . .
وهكذا يطول التقديم والتعقيب على حادث زينب وزيد ، وإحلال أزواج الأدعياء ، والمثل الواقعي الذي كلفه رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] مما يشي بصعوبة هذا الأمر ، وحاجة النفوس فيه إلى تثبيت الله وبيانه ، وإلى الصلة بالله والشعور بما في توجيهه من رحمة ورعاية . كي تتلقى ذلك الأمر بالرضى والقبول والتسليم . .
" ولا تطع الكافرين والمنافقين " أي لا تطعهم فيما يشيرون عليك من المداهنة في الدين ولا تمالئهم . " الكافرين " : أبي سفيان وعكرمة وأبي الأعور السلمي ، قالوا : يا محمد ، لا تذكر آلهتنا بسوء نتبعك . " والمنافقين " : عبد الله بن أبي وعبد الله بن سعد وطعمة بن أبيرق ، حثوا النبي صلى الله عليه وسلم على إجابتهم بتعلة المصلحة . " ودع أذاهم " أي دع أن تؤذيهم مجازاة على إذايتهم{[12855]} إياك . فأمره تبارك وتعالى بترك معاقبتهم ، والصفح عن زللهم ، فالمصدر على هذا مضاف إلى المفعول . ونسخ من الآية على هذا التأويل ما يخص الكافرين ، وناسخه آية السيف . وفيه معنى ثان : أي أعرض عن أقوالهم وما يؤذونك ، ولا تشتغل به ، فالمصدر على هذا التأويل مضاف إلى الفاعل . وهذا تأويل مجاهد ، والآية منسوخة بآية السيف . " وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا " أمره بالتوكل عليه وآنسه بقوله " وكفى بالله وكيلا " وفي قوة الكلام وعد بنصر . والوكيل : الحافظ القاسم على الأمر .
قوله : { وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } أي لا تستمع لما يعرضه عليك أهل الكفر والنفاق من إغراء بالمداهنة أو اللين والتساهل في دين الله . وفي ذلك تعريض من الله للمسلمين في كل زمان لكي يحذروا إغراءات الكافرين والمنافقين الذين يخادعون المسلمين ويراوغوهم ليضلوهم عن دين الإسلام . بمختلف الأسباب والوسائل من الخداع والتحيُّل والمخاتلة .
قوله : { وَدَعْ أَذَاهُمْ } أي لا تؤذهم مجازاة لهم على إذايتهم لك بل اصفح عن زلاتهم وتجاوز عمن مساءاتهم . وقيل : اصبر على أذاهم ولا تشغل نفسك بما يؤذونك به من سوء الأقوال والفعال . {[3756]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.