في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (2)

1

والتوجيه الثالث المباشر : ( واتبع ما يوحى إليك من ربك ) . فهذه هي الجهة التي تجيء منها التوجيهات ، وهذا هو المصدر الحقيق بالاتباع . والنص يتضمن لمسات موحية تكمن في صياغة التعبير : ( واتبع ما يوحى إليك من ربك ) . فالوحي( إليك )بهذا التخصيص . والمصدر ( من ربك )بهذه الإضافة . فالاتباع هنا متعين بحكم هذه الموحيات الحساسة ، فوق ما هو متعين بالأمر الصادر من صاحب الأمر المطاع . . والتعقيب : ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) . . فهو الذي يوحي عن خبرة بكم وبما تعملون ؛ وهو الذي يعلم حقيقة ما تعملون ، ودوافعكم إلى العمل من نوازع الضمير .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (2)

قوله تعالى : " واتبع ما يوحى إليك من ربك " يعني القرآن . وفيه زجر عن اتباع مراسم الجاهلية ، وأمر بجهادهم ومنابذتهم ، وفيه دليل على ترك اتباع الآراء مع وجود النص . والخطاب له ولأمته . " إن الله كان بما تعملون خبيرا " قراءة العامة بتاء على الخطاب ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم . وقرأ السلمي وأبو عمرو وابن أبي إسحاق : " يعملون " بالياء على الخبر ، وكذلك في قوله : " بما تعملون{[12694]} بصيرا " [ الفتح : 24 ] . " وتوكل على الله " أي اعتمد عليه في كل أحوالك ، فهو الذي يمنعك ولا يضرك من خذلك .


[12694]:راجع ج 16 ص 380 فما بعد.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (2)

ولما كان ذلك {[54993]}مفهماً لمخالفة{[54994]} كل ما يدعو إليه كافر . وكان الكافر{[54995]} ربما دعا إلى شيء من مكارم الأخلاق ، قيده بقوله : { واتبع } أي بغاية جهدك .

ولما اشتدت العناية هنا بالوحي ، وكان الموحي معلوماً من آيات كثيرة ، بني للمفعول قوله : { ما يوحى } أي يلقى{[54996]} إلقاء خفياً كما يفعل المحب مع حبيبه { إليك } وأتى موضع الضمير بظاهر يدل على الإحسان في التربية ليقوى على امتثال ما أمرت{[54997]} به الآية السالفة فقال : { من ربك } أي المحسن إليك بصلاح جميع{[54998]} أمرك ، فمهما أمرك به فافعله{[54999]} لربك لا لهم ، ومهما نهاك عنه فكذلك ، سواء كان إقبالاً عليهم أو إعراضاً عنهم أو غير ذلك .

ولما أمره باتباع الوحي ، رغبة فيه بالتعليل بأوضح من التعليل الأول في أن مكرهم خفي ، فقال مذكراً{[55000]} بالاسم الأعظم بجميع ما يدل عليه من الأسماء الحسنى زيادة في التقوية على الامتثال{[55001]} ، مؤكداً للترغيب كما تقدم ، وإشارة{[55002]} إلى أنه مما يستبعده بعض المخاطبين في قراءة الخطاب{[55003]} لغير أبي عمرو{[55004]} : { إن الله } أي{[55005]} بعظمته وكماله { كان } دائماً { بما تعملون } أي الفريقان من المكايد وإن دق { خبيراً } فلا{[55006]} تهتم بشأنهم ، فإنه

سبحانه كافيكه{[55007]} وإن تعاظم ، وعلى قراءة{[55008]} أبي عمرو بالغيب{[55009]} يكون هذا التعليل حثاً على الإخلاص ، وتحقيقاً لأنه قادر على الإصلاح وإن أعيى{[55010]} الخلاص ، ونفياً لما قد يعتري النفوس من الزلزال ، في أوقات الاختلال .


[54993]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: منهما بمخالفة.
[54994]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: منهما بمخالفة.
[54995]:زيد من ظ وم ومد.
[54996]:زيد في الأصل: إليك، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54997]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: امتثالها ـ مع بياض قدر كلمتين.
[54998]:زيد في ظ: ما.
[54999]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فافعل.
[55000]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مؤكدا.
[55001]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الامتنان.
[55002]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أشار.
[55003]:راجع نثر المرجان 5/370.
[55004]:زيد من ظ ومد.
[55005]:زيد من ظ وم ومد.
[55006]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فلما.
[55007]:من م ومد، وفي الأصل وظ: كافيك.
[55008]:زيد في مد: غير.
[55009]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: بالخطاب.
[55010]:في ظ ومد: ادعى.