إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (2)

{ واتبع } أي في كلِّ ما تأتِي وتذر من أمورِ الدِّينِ { مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبّكَ } من الآياتِ التي من جُملتها هذه الآيةُ الآمرةُ بتقوى الله الناهيةُ عن مساعدةِ الكَفَرةِ والمنافقينَ . والتَّعرضُ لعُنوانِ الرُّبوبيةِ لتأكيدِ وجوبِ الامتثالِ بالأمرِ { إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } قيل : الخطابُ للرسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والجمعُ للتَّعظيمِ وقيل : له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وللمؤمنينَ وقيلَ : للغائبينَ بطريقِ الالتفاتِ ولا يخفى بعدُه نعم يجوزُ أنْ يكونَ للكلِّ على ضربٍ من التَّغليبِ ، وأياً ما كانَ فالجملةُ تعليلٌ للأمرِ وتأكيدٌ لموجبه ، أمَّا على الوجهينِ الأولينِ فبطريقِ الترغيبِ والتَّرهيبِ كأنَّه قيل : إنَّ الله خبيرٌ بما تعملونَه من الامتثالِ وتركه فيرتب على كلَ منهما جزاءَه ثواباً وعقاباً وأمَّا على الوجهِ الأخيرِ فبطريقِ الترغيب فقط كأنَّه قيل : إنَّ الله خبيرٌ بما يعملُه كلا الفريقينِ فيرشدك إلى ما فيهِ صلاحُ حالِك وانتظامُ أمرِك ويُطلعك على ما يعملونَه من المكايدِ والمفاسدِ ويأمُرك بما ينبغِي لك أنْ تعملَه في دفعِها وردِّها فلابُدَّ من اتباعِ الوحيِ والعملِ بمقتضاه حتماً .