السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (2)

ولما كان ذلك مفهماً لمخالفة كل ما يدعو إليه كافر ، وكان الكافر ربما دعا إلى شيء من مكارم الأخلاق قيده بقوله تعالى : { واتبع } أي : بغاية جهدك { ما يوحى } أي : يلقى إلقاء خفياً كما يفعل المحب مع حبيبه { إليك من ربك } أي : المحسن إليك بصلاح جميع أمرك ، وأتى موضع الضمير بالظاهر ليدل على الإحسان في التربية ليقوى على امتثال ما أمرت به الآية السالفة .

ولما أمر باتباع الوحي رغبه فيه بالتعليل بأوضح من التعليل الأول في أن مكرهم خفي بقوله تعالى مذكراً بالاسم الأعظم بجميع ما يدل عليه من الأسماء الحسنى زيادة في التقوى على الامتثال مؤكداً للترغيب { إن الله } أي : بعظمته وكماله { كان } أزلاً وأبداً { بما تعملون } أي : الفريقان من المكايد وإن دق { خبيراً } أي : فلا تهتم بشأنهم ، فإنه سبحانه كافيكه وإن تعاظم ، وقرأ أبو عمرو { بما يعملون خبيراً } { وبما يعملون بصيراً } بالياء على الغيبة على أن الواو ضمير الكفرة والمنافقين والباقون بالتاء على الخطاب فيهما .