في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

( والليل وما وسق ) . . هو الليل وما جمع وما حمل . . بهذا التعميم ، وبهذا التجهيل ، وبهذا التهويل . والليل يجمع ويضم ويحمل الكثير . . ويذهب التأمل بعيدا ، وهو يتقصى ما يجمعه الليل ويضمه ويحمله من أشياء وأحياء وأحداث ومشاعر ، وعوالم خافية ومضمرة ، ساربة في الأرض وغائرة في الضمير . . ثم يؤوب من هذه الرحلة المديدة ، ولم يبلغ من الصور ما يحتويه النص القرآني القصير : ( والليل وما وسق ) . . إنما يغمره من النص العميق العجيب ، رهبة ووجل ، وخشوع وسكون تتسق مع الشفق وما يضفيه من خشوع وخوف وسكون !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

{ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } أي : احتوى عليه من حيوانات وغيرها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

{ والليل وما وسق } أي جمع وضم ، يقال : وسقته أسقه وسقاً ، أي : جمعته ، واستوثقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت . والمعنى : والليل وما جمع وضم ما كان بالنهار منتشراً من الدواب ، وذلك أن الليل إذا أقبل أوى كل شيء إلى مأواه . روى منصور عن مجاهد قال : ما لف وأظلم عليه . وقال مقاتل بن حيان : ما أقبل من ظلمة أو كوكب . وقال سعيد بن جبير . وما عمل فيه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

قوله تعالى : " والليل وما وسق " أي جمع وضم ولف ، وأصله من سورة السلطان وغضبه فلولا أنه خرج إلى العباد من باب الرحمة ما تمالك العباد لمجيئه ولكن خرج من باب الرحمة فمزح بها ، فسكن الخلق إليه ثم انذعروا والتفوا وانقبضوا ، ورجع كل إلى مأواه فسكن فيه من هوله وحشا ، وهو قوله تعالى : " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه " [ القصص : 73 ] أي بالليل " ولتبتغوا من فضله " [ القصص : 73 ] أي بالنهار على ما تقدم . فالليل يجمع ويضم ما كان منتشرا بالنهار في تصرفه . هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم . قال ضابئ بن الحارث البرجمي :

فإني وإياكُمْ وشَوْقًا إليكُمُ *** كقابِضِ مَاءٍ لم تَسْقِهِ أناملُهْ

يقول : ليس في يده من ذلك شيء كما أنه ليس في يد القابض على الماء شيء ، فإذا جلل الليل الجبال والأشجار والبحار والأرض فاجتمعت له ، فقد وسقها . والوسق : ضمك الشيء بعضه إلى بعض ، تقول : وسقته أسقه وسقا . ومنه قيل للطعام الكثير المجتمع : وسق ، وهو ستون صاعا . وطعام موسق : أي مجموع ، وإبل مستوسقة أي مجتمعة . قال الراجز{[15875]} :

إن لنا قَلاَئِصًا حَقَائِقَا *** مُسْتَوْسِقَاتٍ لو يَجِدْنَ سَائِقَا

وقال عكرمة : " وما وسق " أي وما ساق من شيء إلى حيث يأوي ، فالوسق بمعنى الطرد ، ومنه قيل للطريدة من الإبل والغنم والحمر : وسيقة ، قال الشاعر{[15876]} :

كما قافَ آثارَ الوسيقَةِ قائِفُ

وعن ابن عباس : " وما وسق " أي وما جن وستر . وعنه أيضا : وما حمل ، وكل شيء حملته فقد وسقته ، والعرب تقول : لا أفعله ما وسقت عيني الماء ، أي حملته . ووسقت الناقة تسق وسقا : أي حملت وأغلقت رحمها على الماء ، فهي ناقة واسق ، ونوق وساق مثل نائم ونيام ، وصاحب وصحاب ، قال بشر بن أبي خازم :

أَلَظَّ بهنَّ يحدُوهُنَّ حتى *** تبينتِ الحِيَالُ من الوِسَاقِ

ومواسيق أيضا . وأوسقت البعير : حملته حمله ، وأوسقت النخلة : كثر حملها . وقال يمان والضحاك ومقاتل بن سليمان : حمل من الظلمة . قال مقاتل : أو حمل من الكواكب . القشيري : ومعنى حمل : ضم وجمع ، والليل يجلل بظلمته كل شيء فإذا جللها فقد وسقها . ويكون هذا القسم قسما بجميع المخلوقات ، لاشتمال الليل عليها ، كقوله تعالى : " فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون " [ الحاقة :38 - 39 ] . وقال ابن جبير : " وما وسق " أي وما عمل فيه ، يعني التهجد والاستغفار بالأسحار ، قال الشاعر :

ويومًا ترانا صالحين وتارةً *** تقوم بنا كالواسِقِ المُتَلَبِّبِ

أي كالعامل .


[15875]:هو العجاج كما في اللسان مادة "وسق".
[15876]:قائله الأسود بن يعفر، وصدره: * كذبت عليك لا تزال تقوفنى *
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

{ والّيل } أي الذي يغلبه فيذهبه { وما وسق * } أي جمع في بطنه وطرد وساق من ذلك الشفق ومن النهار الذي كان قبله والنجوم التي أظهرها وغير ذلك من الغرائب التي تدل على أن موجده بعد أن لم يكن ومذهب ما كان به قادر على الإبداء والإعادة وكل ما يريد