مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

أما قوله : { والليل وما وسق } فقال أهل اللغة : وسق أي جمع ومنه الوسق وهو الطعام المجتمع الذي يكال ويوزن ثم صار اسما للحمل واستوسقت الإبل إذا اجتمعت وانضمت والراعي يسقها أي يجمعها قال صاحب «الكشاف » : يقال وسقه فاتسق واستوسق ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين اتسع واستوسع . وأما المعنى فقال القفال : مجموع أقاويل المفسرين يدل على أنهم فسروا قوله تعالى : { وما وسق } على جميع ما يجمعه الليل من النجوم ورجوع الحيوان عن الانتشار وتحرك ما يتحرك فيه الهوام ، ثم هذا يحتمل أن يكون إشارة إلى الأشياء كلها لاشتمال الليل عليها فكأنه تعالى أقسم بجميع المخلوقات كما قال : { فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون } وقال سعيد بن جبير ما عمل فيه ، قال القفال : يحتمل أن يكون ذلك هو تهجد العباد فقد مدح الله تعالى بها المستغفرين بالأسحار فيجوز أن يحلف بهم وإنما قلنا : إن الليل جمع هذه الأشياء كلها لأن ظلمته كأنها تجلل الجبال والبحار والشجر والحيوانات ، فلا جرم صح أن يقال : وسق جميع هذه الأشياء