اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

قوله : { والليل وَمَا وَسَقَ } ، أي : جمع وضم ولف ، ومنه : الوسْقُ ، وهو الطعام المجتمع الذي يكال أو يوزن ، وهو ستُّون صاعاً ، ثم صار اسماً ، واستوسقت الإبل إذا اجتمعت وانضمت ، والراعي وسقها ، أي : جمعها ؛ قال الشاعر : [ الرجز ]

5145- إنَّ لَنَا قَلائصاً حقَائِقَا *** مُستوسِقَاتٍ لوْ يَجِدْنَ سَائِقَا{[59696]}

والوِسْقُ - بالكسر- : الاسم : وبالفتح : المصدر ، وطعام موسق : أي : مجموع ، ويقال : وسقهُ فاتَّسقَ ، واسْتوسَقَ ، ونظير وقوع «افتعل ، واستفعل » مطاوعين : اتسع واستوسع ، ومنه قولهم : وقيل : وسق ، أي : عمل فيه ؛ قال : [ الطويل ]

5146- ويَوْماً تَرَانَا صَالحينَ وتَارَةً *** تَقُومُ بِنَا كالواسِقِ المُتلبِّبِ{[59697]}

فصل في معنى الآية

قال عكرمة - رضي الله عنه - : «ومَا وسقَ » ، أي : وما ساق من شيء إلى حيث يأوي{[59698]} فالوسقُ ، بمعنى الطرد ، ومنه قيل للطَّريد من الإبل والغنم : وسيقة .

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - : «وما وسق » أي : وما جنَّ وستر{[59699]} .

وعنه أيضاً : وما حمل ، ووسَقَتِ الناقة تَسِقُ وسْقاً : أي : حملت وأغلقت رحمها على الماء فهي ناقة واسق ، ونوق وساق ، مثل : نائم ونيام ، وصاحب وصحاب ، ومواسيق أيضاً ، وأوسقتُ البعير : حملته حمله ، وأوسقت النخلة : كثر حملها .

وقال يمانٌ والضحاك ومقاتلُ بن سليمان : حمل من الظلمة{[59700]} .

وقال مقاتلٌ : حمل من الكواكب{[59701]} .

وقال ابنُ جبيرٍ : «وما وسق » أي : وما حمل فيه من التهجد والاستغفار بالأسحار{[59702]} .


[59696]:هما للعجاج ينظر ملحقات ديوانه 84، واللسان (وسق)، والقرطبي 19/182، والبحر 8/437، والدر المصون 6/499.
[59697]:ينظر اللسان (وسق)ن والقرطبي 19/182، والبحر 8/440، والدر المصون 6/499.
[59698]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/511) عن عكرمة وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/549) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
[59699]:ذكره الماوردي في "تفسيره" (6/237) والقرطبي (19/182).
[59700]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/182).
[59701]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/465) وينظر المصدر السابق.
[59702]:ينظر المصدر السابق.