فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّيۡلِ وَمَا وَسَقَ} (17)

{ والليل وَمَا وَسَقَ } وقال عكرمة : هو ما بقي من النهار ، وإنما قالا هذا لقوله بعده : { والليل وَمَا وَسَقَ } فكأنه تعالى أقسم بالضياء والظلام ، ولا وجه لهذا ، على أنه قد روي عن عكرمة أنه قال : الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء ، وروي عن أسد بن عمر الرجوع { والليل وَمَا وَسَقَ } الوسق عند أهل اللغة : ضم الشيء بعضه إلى بعض ، يقال استوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت ، والراعي يسقها : أي يجمعها .

قال الواحدي : المفسرون يقولون : وما جمع وضم وحوى ولف والمعنى : أنه جمع ، وضمّ ما كان منتشراً بالنهار في تصرّفه ، وذلك أن الليل إذا أقبل آوى كل شيء إلى مأواه ، ومنه قول ضابئ بن الحرث البرجمي :

فإني وإياكم وسوقاً إليكم *** كقابض شيئًا لم تنله أنامله

وقال عكرمة { وَمَا وَسَقَ } أي وما ساق من شيء إلى حيث يأوي ، فجعله من السوق لا من الجمع ، وقيل : { وَمَا وَسَقَ } أي وما جُنَّ وستر ، وقيل : { وَمَا وَسَقَ } أي وما حمل ، وكل شيء حملته فقد وسقته ، والعرب تقول : لا أحمله ما وسقت عيني الماء : أي حملته ، ووسقت الناقة تسق وسقاً : أي حملت . قال قتادة ، والضحاك ، ومقاتل بن سليمان : وما وسق ، وما حمل من الظلمة ، أو حمل من الكواكب . قال القشيري : ومعنى حمل : ضمّ وجمع ، والليل يحمل بظلمته كل شيء . وقال سعيد بن جبير : { وما وسق } أي وما عمل فيه من التهجد والاستغفار بالأسحار ، والأوّل أولى .

/خ25