وفي الختام تجيء الإشارة إلى قدم هذه الدعوة ، وعراقة منبتها ، وامتداد جذورها في شعاب الزمن ، وتوحد أصولها من وراء الزمان والمكان :
( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) . .
هذا الذي ورد في هذه السورة وهو يتضمن أصول العقيدة الكبرى . هذا الحق الأصيل العريق . هو الذي في الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى .
ووحدة الحق ، ووحدة العقيدة ، هي الأمر الذي تقتضيه وحدة الجهة التي صدر عنها ، ووحدة المشيئة التي اقتضت بعثة الرسل إلى البشر . . إنه حق واحد ، يرجع إلى أصل واحد . تختلف جزئياته وتفصيلاته باختلاف الحاجات المتجددة ، والأطوار المتعاقبة . ولكنها تلتقي عند ذلك الأصل الواحد . الصادر من مصدر واحد . . من ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى . .
فقال :{ صحف إبراهيم وموسى } قال عكرمة والسدي : هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنبأنا محمد بن أحمد بن معقل الميداني ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا سعيد بن كثير حدثنا يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما ب { سبح اسم ربك الأعلى } و{ قل يا أيها الكافرون } وفي الوتر ب { قل هو الله أحد } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } " .
ولما كان ذلك{[72980]} عاماً خص من بينه تعظيماً لقدر هذه الموعظة أعظم الأنبياء الأقدمين ، فقال مبدلاً مشيراً إلى الاستدلال بالتجربة : { صحف إبراهيم } قدمه لأن صحفه أقرب إلى الوعظ كما نطق به حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه { وموسى * } ختم به لأن الغالب على{[72981]} كتابه الأحكام ، والمواعظ فيه قليلة ، ومنها{[72982]} الزواجر البليغة كاللعن لمن خالف أوامر التوراة التي أعظمها البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والإخبار بأنهم{[72983]} يخالفونها كما هو{[72984]} مذكور في أواخرها مع أن ذكر النبيين عليهما الصلاة والسلام على الأصل في ترتيب الوجود والأفضلية ، وقد حث آخرها على التزكي{[72985]} وهو التطهر{[72986]} من الأدناس الذي هو معنى التنزه والتخلق بأخلاق الله بحسب الطاقة ، وكان في إتيانه والتذكير به إعلام بأن الله تعالى لم يهمل الخلق من{[72987]} البيان بعد أن خلقهم-{[72988]} لأنه لم يخلقهم سدى ، لأن ذلك من العبث{[72989]} الذي هو من أكبر النقائص وهو سبحانه منزه عن جميع شوائب النقص-{[72990]} فقد رجع آخرها على أولها ، وكان تنزيه الرب سبحانه وتعالى وتنزيه النفس أيضاً غاية معولها{[72991]} - والله الموفق للصواب ، {[72992]}وإليه المرجع والمآب{[72993]} .
وقد حث آخرها على التزكي وهو التطهر من الأدناس الذي هو معنى التنزه والتخلق بأخلاق الله بحسب الطاقة ، وكان في إتيانه والتذكير به إعلام بأن الله تعالى لم يهمل الخلق من البيان بعد أن خلقهم لأنه لم يخلقهم سدى ، لأن ذلك من العبث الذي هو من أكبر النقائص وهو سبحانه منزه عن جميع شوائب النقص - فقد رجع آخرها على أولها ، وكان تنزيه الرب سبحانه وتعالى وتنزيه النفس أيضاً غاية معولها - والله الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.