في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلۡبَيِّنَٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (66)

56

وأمام هذه الآيات والهبات ، وما تلاها من تعقيبات ، وفي أشد اللحظات امتلاء بحقيقة الوحدانية ، وحقيقة الألوهية . وحقيقة الربوبية . يجيء التلقين لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ليعلن للقوم أنه منهي عن عبادة ما يدعون من دون الله ، مأمور بالإسلام لله رب العالمين :

قل : إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ، لما جاءني البينات من ربي ، وأمرت أن أسلم لرب العالمين . .

أعلن لهؤلاء الذين يصرفون عن آيات الله ويجحدون هباته ، أنك نهيت عن عبادة ما يدعون من دون الله . وقل لهم : إنني نهيت وانتهيت ( لما جاءني البينات من ربي )فعندي بينة ، وأنا بها مؤمن ، ومن حق هذه البينة أن أقتنع بها وأصدق ، ثم أعلن كلمة الحق . . ومع الانتهاء عن عبادة غير الله - وهو سلب - الإسلام لرب العالمين - وهو إيجاب - ومن الشقين تتكامل العقيدة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلۡبَيِّنَٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (66)

{ 66 - 68 } { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }

لما ذكر الأمر بإخلاص العبادة للّه وحده ، وذكر الأدلة على ذلك والبينات ، صرح بالنهي عن عبادة ما سواه فقال : { قُلْ } يا أيها النبي { إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } من الأوثان والأصنام ، وكل ما عبد من دون الله .

ولست على شك من أمري ، بل على يقين وبصيرة ، ولهذا قال : { لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } بقلبي ولساني ، وجوارحي ، بحيث تكون منقادة لطاعته ، مستسلمة لأمره ، وهذا أعظم مأمور به ، على الإطلاق ، كما أن النهي عن عبادة ما سواه ، أعظم مَنْهِيٍّ عنه ، على الإطلاق .

ثم قرر هذا التوحيد ، بأنه الخالق لكم والمطور لخلقتكم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلۡبَيِّنَٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (66)

ولما أمر سبحانه بما دل على استحقاقه إياه ، أنتج قطعاً قوله : { قل } أي لهؤلاء الذين يجادلونك في التوحيد والبعث مقابلاً لإنكارهم بالتأكيد : { إني نهيت } أي ممن لا ناهي غيره ، نهياً عاماً ببراهين العقل ، ونهياً خاصاً بأدلة النقل { أن أعبد } ولما أهلوهم لأعلى المقامات ، عبر عنهم إرخاء للعنان بقوله : { الذين تدعون } أي يؤهلونهم لأن تدعوهم ، ودل على سفولهم بقوله تعالى : { من دون الله } أي الذي له الكمال كله ، ودل على أنه ما كان متعبداً قبل البعث بشرع أحد بقوله : { لما جاءني البينات } أي الحجج الواضحة جداً من أدلة العقل والنقل ظاهرة ، ولفت القول إلى صفة الإحسان تنبيهاً على أنه كما يسخف الإفراد بالعبادة لذاته يستحقها شكراً لإحسانه فقال : { من ربي } أي المربي لي تربية خاصة هي أعلى من تربية كل مخلوق سواي ، فلذلك أنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد .

ولما أخبر بما يتخلى عنه ، أتبعه الأمر بما يتحلى به فقال : { وأُمرت أن أسلم } أي بأن أجدد إسلام كليتي في كل وقت على سبيل الدوام { لرب العالمين * } لأن كل ما سواه مربوب فالإقبال عليه خسار ، وإذا نهى هو صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بهذا لكون الآمر والناهي ربه لأنه رب كل شيء ، كان غيره مشاركاً له في ذلك لا محالة .