مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلۡبَيِّنَٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (66)

ولما بين صفات الجلال والعظمة قال : { قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله } فأورد ذلك على المشركين بألين قول ليصرفهم عن عبادة الأوثان ، وبين أن وجه النهي في ذلك ما جاءه من البينات ، وتلك البينات أن إله العالم قد ثبت كونه موصوفا بصفات الجلال والعظمة على ما تقدم ذكره ، وصريح العقل يشهد بأن العبادة لا تليق إلا به ، وأن جعل الأحجار المنحوتة والخشب المصورة شركاء له في المعبودية مستنكر في بديهة العقل .

ولما بين أنه أمر بعبادة الله تعالى فقال : { وأمرت أن أسلم لرب العالمين } وإنما ذكر هذه الأحكام في حق نفسه لأنهم كانوا يعتقدون فيه أنه في غاية العقل وكمال الجوهر ، ومن المعلوم بالضرورة أن كل أحد فإنه لا يريد لنفسه إلا الأفضل الأكمل ، فإذا ذكر أن مصلحته لا تتم إلا بالإعراض عن غير الله والإقبال بالكلية على طاعة الله ظهر به أن هذا الطريق أكمل من كل ما سواه .