السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلۡبَيِّنَٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرۡتُ أَنۡ أُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (66)

ولما أورد على المشركين تلك الأدلة الدالة على إثبات إله العالم أمره بقوله تعالى :

{ قل } أي : لهؤلاء الذين يجادلونك في البعث مقابلاً لإنكارهم بالتوكيد { إني نهيت } أي : ممن لا نهي لغيره نهياً عاماً ببراهين العقول ونهياً خاصاً بأدلة النقل { أن أعبد الذين تدعون } أي : تعبدون { من دون الله } أي : الذي له الكمال كله ، قال البقاعي : ودل على أنه ما كان متعبداً قبل البعثة بشرع أحد بقوله : { لما جاءني البينات } أي : الحجج وهي ما تقدم من الدلائل الدالة على أن إله العالم قد ثبت كونه موصوفاً بصفات الجلال والعظمة وصريح العقل يشهد بأن العبادة لا تليق إلا له وأما الأحجار المنحوتة والأخشاب المصورة فلا تصح أن تكون شركاء له . ثم نبه على أنه تعالى كما يستحق الإفراد بالعبادة لذاته يستحقها شكراً لإحسانه بقوله : { من ربي } أي : المربي لي تربية خاصة هي أعلى من كل مخلوق سواي فأنا أعبده عبادة تفوق عبادة كل عابد .

ولما أمره بما ينهى عنه أمره بما يتحلى به فقال : { وأمرت أن أسلم } أي : حين دعي إلى الكفر { لرب العالمين } لأن كل ما سواه مربوب له فالإقبال عليه خسار وإذا نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بهذا لكون الآمر والناهي هو رب العالمين كان غيره مشاركاً له في ذلك لا محالة .