في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ، وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) . .

وهذه مراجعة من الجن لما كانوا يسمعون من سفهائهم من الشرك بالله ، وادعاء الصاحبة والولد والشريك ، بعدما تبين لهم من سماع القرآن أنه لم يكن حقا ولا صوابا ، وأن قائليه إذن سفهاء فيهم خرق وجهل ، وهم يعللون تصديقهم لهؤلاء السفهاء من قبل بأنهم كانوا لا يتصورون أن أحدا يمكن أن يكذب على الله من الإنس أو الجن . فهم يستعظمون ويستهولون أن يجرؤ أحد على الكذب على الله . فلما قال لهم سفهاؤهم : إن لله صاحبة وولدا ، وإن له شريكا صدقوهم ، لأنهم لم يتصوروا أنهم يكذبون على الله أبدا . . وهذا الشعور من هؤلاء النفر بنكارة الكذب على الله ، هو الذي أهلهم للإيمان . فهو دلالة على أن قلوبهم نظيفة مستقيمة ؛ إنما جاءها الضلال من الغرارة والبراءة ! فلما مسها الحق انتفضت ، وأدركت ، وتذوقت وعرفت . وكان منهم هذا الهتاف المدوي : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ، ولن نشرك بربنا أحدا . وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا . .

وهذه الإنتفاضة من مس الحق ، جديرة بأن تنبه قلوبا كثيرة مخدوعة في كبراء قريش ، وزعمهم أن لله شركاء أو صاحبة وولدا . وأن تثير في هذه القلوب الحذر واليقظة ، والبحث عن الحقيقة فيما يقوله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وما يقوله كبراء قريش ، وأن تزلزل الثقة العمياء في مقالات السفهاء من الكبراء ! وقد كان هذا كله مقصودا بذكر هذه الحقيقة . وكان جولة من المعركة الطويلة بين القرآن وبين قريش العصية المعاندة ؛ وحلقة من حلقات العلاج البطيء لعقابيل الجاهلية وتصوراتها في تلك القلوب . التي كان الكثير منها غرا بريئا ، ولكنه مضلل مقود بالوهم والخرافة وأضاليل المضللين من القادة الجاهليين !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

{ 5 } { وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا }

أي : كنا مغترين قبل ذلك ، وغرنا القادة{[1245]}  والرؤساء من الجن والإنس ، فأحسنا بهم الظن ، وظنناهم{[1246]}  لا يتجرأون على الكذب على الله ، فلذلك كنا قبل هذا على طريقهم ، فاليوم إذ بان لنا الحق ، رجعنا إليه{[1247]} ، وانقدنا له ، ولم نبال بقول أحد من الناس{[1248]}  يعارض الهدى .


[1245]:- في ب: عزتنا السادة والرؤساء.
[1246]:- في ب: وحسبناهم.
[1247]:- في ب: سلكنا طريقه.
[1248]:- في ب: الخلق.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

قوله تعالى : " وأنا ظننا " أي حسبنا " أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا " ، فلذلك صدقناهم في أن لله صاحبة وولدا ، حتى سمعنا القرآن وتبينا به الحق .

وقرأ يعقوب والجحدري وابن أبي إسحاق " أن لن تقول{[15445]} " .


[15445]:قال الألوسي: "تقول": أصله تتقول بتائين فحذفت إحداهما، فكذبا مصدر مؤكد، لأن الكذب هو التقول.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

ولما ذكروا ما هدوا إليه من الحق في الله وفيمن كان يحملهم على الباطل ، ذكروا عذرهم في اتباعهم للسفيه وفي وقوعهم في{[68996]} مواقع التهم ، فقالوا مؤكدين لأن ما كانوا عليه من الكفر جدير بأن يظن أنه لا يخفى على أحد لشدة{[68997]} وضوح بطلانه : { وأنا } أي معشر المسلمين من الجن { ظننا } أي بما لنا من سلامة الفطر المقتضية لتحسين الظن بشهادة حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند أحمد{[68998]} " المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم " { أن } أي أنه ، وزادوا في التأكيد لما مضى فقالوا : { لن تقول } وبدأوا بأفضل الجنسين فقالوا : { الإنس } وأتبعوهم قرناءهم فقالوا : { والجن } أي متخرصين { على الله } أي الملك الأعلى الذي بيده النفع والضر { كذباً * } أي قولاً هو لعراقته في مخالفة الواقع نفس الكذب ، وهو في قراءة أبي{[68999]} جعفر بفتح القاف والواو المشددة المفتوحة مصدر من غير اللفظ ، وإنما ظننا ذلك لما{[69000]} طبع عليه المجبول على الشهوات من تصديق الأشكال لا سيما إذا كان قولهم جازماً وعظيماً لا يقال مثله إلا بعد تثبت{[69001]} لا سيما إذا كان على ملك الملوك لا سيما إذا كان القائل كثيراً لا سيما إذا تأيدوا بجنس آخر ، فصاروا لا يحصون كثرة ، ولا تطيق العقول مخالفة جمع بهذه الصفة إلا بتأييد إلهي بقاطع نقلي ، والآية على قراءة أبي جعفر من الاحتباك : فعل التقول أولاً دليل على فعل الكذب ثانياً ، ومصدر الكذب ثانياً دليل على مصدر التقول أولاً ، وسره أن{[69002]} التقول دال على التعمد{[69003]} فهو أفحش {[69004]}معنى والكذب أفحش{[69005]} لفظاً ، وهذا مرشد إلى أنه لا ينبغي التقليد في شيء لأن الثقة بكل أحد عجز ، وإنما ينكشف ذلك بالتجربة ، والتقليد قد يجر إلى الكفر المهلك{[69006]} هلاكاً أبدياً ، وإليه أرشد النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان{[69007]} عن النعمان بن بشير رضي الله عنه بأن " من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه " وفي{[69008]} ذلك غاية الحث على أن الإنسان لا يقدم ولا يحجم في أصول الدين إلا بقاطع .


[68996]:-زيد من ظ وم.
[68997]:- من ظ وم، وفي الأصل: شد.
[68998]:- راجع المسند 2/ 394.
[68999]:- زيد من ظ وم.
[69000]:- من ظ وم، وفي الأصل: لمن.
[69001]:- من ظ وم، وفي الأصل: تلبث.
[69002]:- زيد من ظ وم.
[69003]:- من ظ وم، وفي الأصل: النعمة.
[69004]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[69005]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[69006]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيهلك.
[69007]:- صحيح البخاري- كتاب الإيمان وصحيح مسلم- كتاب المساقاة.
[69008]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

{ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً ( 5 ) }

وأنَّا حَسِبْنا أن أحدًا لن يكذب على الله تعالى ، لا من الإنس ولا من الجن في نسبة الصاحبة والولد إليه .