مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

النوع الرابع : قوله تعالى : { وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : معنى الآية أنا إنما أخذنا قول الغير لأنا ظننا أنه لا يقال : الكذب على الله ، فلما سمعنا القرآن علمنا أنهم قد يكذبون ، وهذا منهم إقرار بأنهم إنما وقعوا في تلك الجهالات بسبب التقليد ، وأنهم إنما تخلصوا عن تلك الظلمات ببركة الاستدلال والاحتجاج .

المسألة الثانية : قوله : { كذبا } بم نصب ؟ فيه وجوه ( أحدها ) : أنه وصف مصدر محذوف والتقدير أن لن تقول الإنس والجن على الله قولا كذبا ( وثانيها ) : أنه نصب نصب المصدر لأن الكذب نوع من القول ( وثالثها ) : أن من قرأ : { أن لن تقول } وضع كذبا موضع تقولا ، ولم يجعله صفة ، لأن التقول لا يكون إلا كذبا .