في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ} (4)

1

أما قوله سبحانه : ( وإذا العشار عطلت ) . . فالعشار هي النوق الحبالى في شهرها العاشر . وهي أجود وأثمن ما يملكه العربي . وهي في حالتها هذه تكون أغلى ما تكون عنده ، لأنها مرجوة الولد واللبن ، قريبة النفع . ففي هذا اليوم الذي تقع فيه هذه الأهوال تهمل هذه العشار وتعطل فلا تصبح لها قيمة ، ولا يهتم بشأنها أحد . . والعربي المخاطب ابتداء بهذه الآية لا يهمل هذه العشار ولا ينفض يده منها إلا في حالة يراها أشد ما يلم به !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ} (4)

المفردات :

العشار عطلت : النوق الحوامل أهملت بلا راع لانشغال الناس بأنفسهم ، وكانت موضع اهتمامهم لأنها أنفس أموالهم .

التفسير :

4- وإذا العشار عطّلت .

وهي النّياق التي مرّ على حملها عشرة أشهر ، وهي أجود الأموال عند العرب ، حيث يهتم بها صاحبها قبيل ولادتها ، فإذا قامت القيامة أهملها صاحبها لانشغاله بأمور نفسه .

وقال القرطبي :

إن تعطيل العشار تمثيل لشدة الكرب ، وإلا فلا عشار ولا تعطيل ، كأنه قال بعد ذكر ما سبق من تكوير الشمس ، وانكدار النجوم ، وتسيير الجبال : وكان من هول هذه الحوادث ، ما يصرف حاضرها عن أكرم الأشياء عليه ، حتى لو كان عنده عشار لعطّلها وأهملها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ} (4)

{ وإذا العشار عطلت } وهي النوق الحوامل التي أتى على حملها عشر أشهر ، واحدتها عشراء ، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام سنة ، وهي أنفس مال عند العرب ، { عطلت } تركت هملا بلا راع أهملها أهلها ، وكانوا لازمين لأذنابها ، ولم يكن لهم مال أعجب إليهم منها ، لما جاءهم من أهوال يوم القيامة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ} (4)

" وإذا العشار عطلت " أي النوق الحوامل التي في بطونها أولادها ، الواحدة عشراء أو التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر ، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع ، وبعدما تضع أيضا . ومن عادة العرب أن يسموا الشيء باسمه المتقدم وإن كان قد جاوز ذلك ، يقول الرجل لفرسه وقد قرح : هاتوا مهري وقربوا مهري ، ويسميه بمتقدم اسمه ، قال عنترة :

لا تذكري مُهْرِي وما أطمعتُه *** فيكون جلدُكِ مثل جلدِ الأجربِ

وقال أيضا :

وحَمَلْتُ مُهْرِي وسْطَهَا فمضاها{[15818]}

وإنما خص العشار بالذكر ؛ لأنها أعز ما تكون على العرب ، وليس يعطلها أهلها إلا حال القيامة . وهذا على وجه المثل ؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء ، ولكن أراد به المثل : أن هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه . وقيل : إنهم إذا قاموا من قبورهم ، وشاهد بعضهم بعضا ، ورأوا الوحوش والدواب محشورة ، وفيها عشارهم التي كانت أنفس أموالهم ، لم يعبؤوا بها ، ولم يهمهم أمرها . وخوطبت العرب بأمر العشار ؛ لأن مالها وعيشها أكثره من الإبل . وروى الضحاك عن ابن عباس : عطلت : عطلها أهلها ، لاشتغالهم بأنفسهم . وقال الأعشى :

هو الواهبُ المائةَ المصطفا *** ةَ إما مَخَاضًا وإما عِشارَا

وقال آخر :

ترى المرءَ مهجورا إذا قلَّ مالُه *** وبيتُ الغِنَى يُهدَى له ويُزَارُ

وما ينفع الزوارَ مالُ مَزُورِهِم *** إذا سَرَحَت شَوْلٌ{[15819]} له وعِشَارُ

يقال : ناقة عشراء ، وناقتان عشراوان ، نوق عشار وعشراوات ، يبدلون من همزة التأنيث واوا . وقد عشرت الناقة تعشيرا : أي صارت عشراء . وقيل : العشار : السحاب يعطل مما يكون فيه وهو الماء فلا يمطر ، والعرب تشبه السحاب بالحامل . وقيل : الديار تعطل فلا تسكن . وقيل : الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع . والأول أشهر ، وعليه من الناس الأكثر .


[15818]:صدره: * وضربت قرني كبشها فتجدلا *
[15819]:في ظ: بزل.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ} (4)

ولما ذكر أعلام الجماد ، أتبعه أعلام الحيوان النافع الذي هو أعز أموال العرب وأغلبها على وجه دل على عظم الهول فقال : { وإذا العشار } أي النوق التي أتى على حملها عشرة أشهر ، جمع عشراء مثل نفساء ، وهي أحب أموال العرب إليهم وأنفسها عندهم لأنها تجمع اللحم والظهر واللبن والوبر ، " روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر-{[71833]} في أصحابه بعشار من النوق حفّل ، فأعرض عنها وغض بصره فقيل له : يا رسول الله ! هذا أنفس أموالنا ، لم لا تنظر إليها ؟ فقال : قد نهاني الله عن ذلك ، ثم تلا { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا } [ طه : 131 ] الآية " ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام السنة { عطلت * } أي تركت{[71834]} مهملة كأنه لا صاحب لها مع أنها أنفس أموالهم ، فكانت إذا بلغت ذلك أحسنت إليها وأعزتها واشتد إقبالها عليها{[71835]} : وقالت : جاء خيرها من ولد ولبن ، لأن الأمر ، لاشتغال كل أحد بنفسه ، أهول من أن يلتفت أحد إلى شيء وإن عز .


[71833]:زيد من م.
[71834]:من م، وفي ظ: عطلت.
[71835]:من م، وفي ظ: إليها.