اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ} (4)

قوله تعالى : { وَإِذَا العشار عُطِّلَتْ } . العشار : جمع عشراء ، وهي : الناقة التي مر لحملها عشرة أشهر ، ثم هو اسمها إلى أن تضع في تمام السَّنة وكذلك يقال في جمع نفساء .

قال القرطبي{[59435]} : وهو اسمها بعد ما تضع أيضاً ، ومن عادة العرب أن يسمُّوا الشيء باسمه المتقدم ، وإن كان قد جاوز ذلك ، يقول الرجل لفرسه وقد قرح : قربوا مهري يسميه بمتقدم اسمه ، وإنَّما خصَّ العشار بالذكر ؛ لأنَّها أعزُّ ما يكون عند العرب ، وهذا على وجه المثل ؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء ، أو المعنى : أنَّ يوم القيامة بحالٍ لو كان للرجل ناقة عشراء لعطَّلها ، واشتغل بنفسه ، يقال : ناقة عشراء ، وناقتان عشراوتانِ ، ونوقٌ عشارٌ وعشراوات ، يبدلون من همزة التأنيث واواً .

وقد عشرت الناقة تعشيراً : أي : صارت عشراء .

وقيل : » العِشَارُ « : السَّحاب ، و » عطلت « : أي : لا تمطر .

والعرب تشبه السحاب بالحامل ، قال تعالى : { فالحاملات وِقْراً } [ الذاريات : 2 ] .

وقيل : الأرض تعطل زرعها .

والتعطيل : الإهمال ، ومنه قيل للمرأة : عاطل إذا لم يكن عليها حُليّ . وتقدم «في بئر معطلة »{[59436]} .

قال امرؤ القيس : [ الطويل ]

5120- وجيدِ كَجيدِ الرِّئمِ لَيْسَ بفَاحِشٍ*** إذَا هِيَ نَصَّتْهُ ولا بِمُعَطِّلِ{[59437]}

وقرأ ابنُ كثير{[59438]} في رواية : «عُطِلت » بتخفيف الطاء .

قال الرازي : هو غلطٌ ، إنما هو بفتحتين ، بمعنى : «تعطَّلتْ » ؛ لأن التشديد فيه للتعدي ، يقال : عطلت الشيء ، وأعطله فعطل .


[59435]:ينظر: الجامع لأحكام القرآن 19/149.
[59436]:سورة الحج آية 45.
[59437]:ينظر: ديوانه ص 16، والمعلقات العشر للزوزني 25، والبحر 8/424، والمحرر الوجيز 1/479، والدر المصون 6/488.
[59438]:ينظر: إعراب القراءات 2/443، والبحر المحيط 8/423، والدر المصون 6/485.