في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

( هذا خلق الله )وليتحداهم به ويتحدى دعواهم المتهافتة . . ( فأروني ماذا خلق الذين من دونه ? ) . . وليعقب على هذا التحدي في أنسب وقت : ( بل الظالمون في ضلال مبين ) . . وأي ضلال وأي ظلم بعد هذا الشرك ، في هذا المعرض الكوني الباهر الجليل ?

وعند هذا الإيقاع القوي يختم الجولة الأولى في السورة ذلك الختام المؤثر العميق .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

{ هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين . }

التفسير :

أي هذا الذي ذكر من خلق السموات والأرض وما فيها من جمال وإبداع ونظام خلق الله الواحد القادر المستحق للعبادة ومع هذا فأنتم عبدتم الأوثان والأصنام وغير ذلك من المخلوقات فأخبروني ماذا خلقت هذه الأصنام حتى يكونوا شركاء لله .

ثم صرح بظلم أهل مكة ، وشركهم وضلالهم الواضح فقال : { بل الظالمون في ضلال مبين } أي الكافرون من أهل مكة ظلموا أنفسهم بعدولهم عن الإيمان والإسلام إلى الضلال الواضح البين .

***

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

ولما ثبت بهذا الخلق العظيم على هذا الوجه المحكم عزته وحكمته ، ثبتت ألوهيته فألزمهم وجوب توحيده في العبادة كما توحد بالخلق ، لأن ذلك عين الحكمة ، كما كان خلقه لهذا الخلق على هذا النظام ليدل عليه سبحانه سر الحكمة ، فقال ملقناً للمحسنين من حزبه ما ينبهون به المخالفين موبخاً لهم مقبحاً لحالهم{[53721]} في عدو لهم عنه مع علمهم بما له من التفرد بهذه الصنائع : { هذا } أي{[53722]} الذي تشاهدونه كله { خلق الله } أي{[53723]} الذي له جميع العظمة{[53724]} فلا كفوء له .

ولما كان العاقل بل وغيره لا ينقاد لشيء إلا أن رأى له فعلاً يوجب الانقياد له ، نبه على ذلك بقوله جواباً لما تقديره : فإن ادعيتم لما دونه مما عبدتموه من دونه خلقاً عبدتموه لأجله{[53725]} : { فأروني ماذا خلق الذين } زاد اسم الإشارة زيادة في التقريع بتأكيد النفي المقصود من الكلام ، ونبه على سفول رتبتهم بقوله {[53726]}مضمراً لأنه{[53727]} ليس فيما أسند إلى الاسم الأعظم حيثية يخشى من التقييد بها نقص : { من دونه } فسألهم في رؤية ما خلقوا إشارة إلى أنهم فعلوا معهم فعل من يعتقد أن لهم خلقا ، فالمعنى أنكم غبنتم غبنا ما غبنه{[53728]} أحد أصلاً {[53729]}بأن انقدتم لما لا ينقاد له حيوان فضلاً عن إنسان بكونه لا فعل له أصلاً{[53730]} ، فكان من حقكم - إن كانت لكم عقول - أن تبحثوا اولاً هل{[53731]} لهم أفعال أم لا ؟ ثم إذا ثبت فهل هي{[53732]} محكمة أم لا ، ثم إذا ثبت فهل شاركهم غيرهم أم لا ، وإذا ثبت أن غيرهم شاركهم فأيهما أحكم ، وأما أنكم تنقادون لهم ولا فعل لهم أصلاً ثم تقدرون أن{[53733]} لهم أفعالاً ترجونهم بها وتخشونهم ، فهذا ما{[53734]} لا يتصوره حيوان أصلاً ، ولذلك قال تعالى : { بل } منبهاً على أن الجواب : ليس لهم{[53735]} خلق ، بل عبدتهم أو أنتم في جعلهم شركاء ، هكذا كان الأصل ، ولكنه قال : { الظالمون } أي العريقون في الظلم ، تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي أوجب لهم كونهم { في ضلال } عظيم جداً محيط بهم { مبين } أي في غاية الوضوح ، وهو كونهم يضعون الأشياء في غير مواضعها ، لأنهم في مثل الظلام لا نور لهم لانحجاب شمس الإيمان عنهم بجبال{[53736]} الهوى فلا حكمة لهم .


[53721]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لهم.
[53722]:زيد من م ومد.
[53723]:زيد من ظ وم ومد.
[53724]:في ظ ومد: الكمال.
[53725]:في ظ ومد: من أجله.
[53726]:العبارة من هنا إلى "بها نقص" ساقطة من م.
[53727]:سقط من ظ.
[53728]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: غبنا.
[53729]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53730]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53731]:زيد من ظ وم ومد.
[53732]:سقط من ظ.
[53733]:سقط من ظ ومد.
[53734]:زيد من ظ وم ومد.
[53735]:في ظ: له.
[53736]:في ظ ومد: بخيال.