فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

{ ضلال مبين } حيرة واضحة لا خفاء بها ، وعمى عن الحق .

{ هذا خلق الله } وكل عاقل يقر بأن كل ما أشارت إليه الآية الكريمة كغيره من المخلوقات إنما هو من صنع المعبود بحق- تبارك اسمه- فإذا كان كذلك فأروني ما الذي خلقته الأصنام والشركاء التي عبدها المشركون من دونه- جل علاه- والأمر للتعجيز ، كما جاء في آية مباركة : )قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات . . ( {[3417]} وكما في آية كريمة : )الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون( {[3418]} ، ثم أضرب الله تعالى عن مخاطبتهم ، وبل للإضراب عن مخاطبتهم ، ثم ختمت الآية ببيان حال الكافرين المشركين الجاحدين ، وأن صدودهم عن الإيمان والرشد إنما هو للحيرة ، وعمي البصيرة والسفه البين الواضح الذي سيعترفون به حين تحق عليهم كلمة العذاب : )وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير . فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير( {[3419]} والأفعال هنا للمستقبل : أي سيقولون ، فيعترفون بذنوبهم ، وإنما عبر عن المستقبل بالماضي لتحقق وقوعه حتى كأنه وقع فعلا .


[3417]:سورة الأحقاف. من الآية 3.
[3418]:سورة الروم. الآية 40.
[3419]:سورة الملك. الآيتان 10، 11.