مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

قوله تعالى : { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ، بل الظالمون في ضلال مبين }

قوله تعالى : { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه } يعني الله خالق وغيره ليس بخالق فكيف تتركون عبادة الخالق وتشتغلون بعبادة المخلوق .

ثم قال تعالى : { بل الظالمون في ضلال مبين } أي بين أو مبين للعاقل أنه ضلال ، وهذا لأن ترك الطريق والحيد عنه ضلال ، ثم إن كان الحيد يمنة أو يسرة فهو لا يبعد عن الطريق المستقيم مثل ما يكون المقصد إلى وراء فإنه يكون غاية الضلال ، فالمقصد هو الله تعالى ، فمن يطلبه ويلتفت إلى غيره من الدنيا وغيرها فهو ضال ، لكن من وجهه إلى الله قد يصل إلى المقصود ولكن بعد تعب وطول مدة ، ومن يطلبه ولا يلتفت إلى ما سواه يكون كالذي على الطريق المستقيم يصل عن قريب من غير تعب . وأما الذي تولى لا يصل إلى المقصود أصلا ، وإن دام في السفر ، والمراد بالظالمين المشركون الواضعون لعبادتهم في غير موضعها أو الواضعون أنفسم في عبادة غير الله .