ولما ثبت بهذا الخلق العظيم على هذا الوجه المحكم عزته وحكمته ، ثبتت ألوهيته فألزمهم وجوب توحيده في العبادة كما توحد بالخلق ، لأن ذلك عين الحكمة ، كما كان خلقه لهذا الخلق على هذا النظام ليدل عليه سبحانه سر الحكمة ، فقال ملقناً للمحسنين من حزبه ما ينبهون به المخالفين موبخاً لهم مقبحاً لحالهم{[53721]} في عدو لهم عنه مع علمهم بما له من التفرد بهذه الصنائع : { هذا } أي{[53722]} الذي تشاهدونه كله { خلق الله } أي{[53723]} الذي له جميع العظمة{[53724]} فلا كفوء له .
ولما كان العاقل بل وغيره لا ينقاد لشيء إلا أن رأى له فعلاً يوجب الانقياد له ، نبه على ذلك بقوله جواباً لما تقديره : فإن ادعيتم لما دونه مما عبدتموه من دونه خلقاً عبدتموه لأجله{[53725]} : { فأروني ماذا خلق الذين } زاد اسم الإشارة زيادة في التقريع بتأكيد النفي المقصود من الكلام ، ونبه على سفول رتبتهم بقوله {[53726]}مضمراً لأنه{[53727]} ليس فيما أسند إلى الاسم الأعظم حيثية يخشى من التقييد بها نقص : { من دونه } فسألهم في رؤية ما خلقوا إشارة إلى أنهم فعلوا معهم فعل من يعتقد أن لهم خلقا ، فالمعنى أنكم غبنتم غبنا ما غبنه{[53728]} أحد أصلاً {[53729]}بأن انقدتم لما لا ينقاد له حيوان فضلاً عن إنسان بكونه لا فعل له أصلاً{[53730]} ، فكان من حقكم - إن كانت لكم عقول - أن تبحثوا اولاً هل{[53731]} لهم أفعال أم لا ؟ ثم إذا ثبت فهل هي{[53732]} محكمة أم لا ، ثم إذا ثبت فهل شاركهم غيرهم أم لا ، وإذا ثبت أن غيرهم شاركهم فأيهما أحكم ، وأما أنكم تنقادون لهم ولا فعل لهم أصلاً ثم تقدرون أن{[53733]} لهم أفعالاً ترجونهم بها وتخشونهم ، فهذا ما{[53734]} لا يتصوره حيوان أصلاً ، ولذلك قال تعالى : { بل } منبهاً على أن الجواب : ليس لهم{[53735]} خلق ، بل عبدتهم أو أنتم في جعلهم شركاء ، هكذا كان الأصل ، ولكنه قال : { الظالمون } أي العريقون في الظلم ، تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي أوجب لهم كونهم { في ضلال } عظيم جداً محيط بهم { مبين } أي في غاية الوضوح ، وهو كونهم يضعون الأشياء في غير مواضعها ، لأنهم في مثل الظلام لا نور لهم لانحجاب شمس الإيمان عنهم بجبال{[53736]} الهوى فلا حكمة لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.