السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

وحكمته التي هي كمال العلم مهد به قاعدة التوحيد وقرّرها بقوله تعالى : { هذا } أي : الذي تشاهدونه كله { خلق الله } أي : الذي له جميع الكمال فلا كفء له ، فإن ادعيتم ذلك { فأروني ماذا خلق الذين من دونه } أي : غيره ، بكتهم بأنّ هذه الأشياء العظيمة مما خلقه تعالى وأنشأه ، فأروني ما خلقته آلهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة .

تنبيه : ما استفهام إنكار مبتدأ و( ذا ) بمعنى الذي بصلته خبره ، وأروني معلق عن العمل ، وما بعده سدّ مسدّ المفعولين ، ثم أضرب عن تبكيتهم بقوله تعالى : { بل } منبهاً على أنّ الجواب ليس لهم خلق هكذا كان الأصل ولكنه قال تعالى { الظالمون } أي : العريقون في الظلم تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي أوجب لهم كونهم { في ضلال } عظيم جدّاً محيط بهم { مبين } أي : في غاية الوضوح وهو كونهم يضعون الأشياء في غير مواضعها لأنهم في مثل الظلام لا نور لهم لانحجاب شمس الأنوار عنهم بجبل الهوى فلا حكمة لهم .