إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (11)

{ هذا } أي ما ذُكر من السَّمواتِ والأرضِ وما تعلَّق بهما من الأمورِ المعدودةِ { خَلَقَ الله } أي مخلوقُه { فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الذين مِن دُونِهِ } ممَّا اتخذتُموهم شركاءً له سبحانه في العبادةِ حتَّى استحقُّوا به المعبوديَّةَ . وماذا نُصب بخَلْقُ ، أو مَا مرتفعٌ بالابتداءِ وخبرُه ذَا بصلتِه ، وأرُوني متعلِّقٌ به . وقولُه تعالى : { بَلِ الظالمون فِي ضلال مُّبِينٍ } إضرابٌ عن تبكيتِهم بما ذُكر إلى التَّسجيلِ عليهم بالضَّلالِ البيِّنِ المُستدعي للإعراضِ عن مخاطبتِهم بالمقدِّماتِ المعقولةِ الحقَّةِ لاستحالة أنْ يفهمُوا منها شيئاً فيهتدوا به إلى العلمِ ببطلانِ ما هُم عليه أو يتأثَّروا من الإلزامِ والتَّبكيتِ فينزجُروا عنه . ووضعُ الظَّاهرِ موضعَ ضميرِهم للدِّلالةِ على أنَّهم بإشراكِهم واضعون للشَّيءِ في غيرِ موضعِه ومتعدُّون عن الحدودِ وظالمون لأنفسِهم بتعريضِها للعذابِ الخالدِ .