في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

17

( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) . . وخاضت بعض التفاسير مع الإسرائيليات حول هذه الفتنة خوضاً كبيراً . تتنزه عنه طبيعة النبوة . ولا يتفق إطلاقاً مع حقيقتها . حتى الروايات التي حاولت تخفيف تلك الأساطير سارت معها شوطاً . وهي لا تصلح للنظر من الأساس . ولا تتفق مع قول الله تعالى : ( وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

21

المفردات :

لزلفى : لقربى ومكانة .

مآب : مرجع في الآخرة

التفسير :

25-{ فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب } .

أي : قَبِل الله تعالى منه توبته ، ورفع درجته ، وإنّ له عند الله مآبا حسنا ، ومرجعا كريما في الآخرة ، عند مليك مقتدر ، وتذكرنا هذه الآية بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله تعالى في اليوم والليلة مائة مرة ، وأن الأبرار المقربين يرجعون إلى الله ، ويتبتلون إليه ، ويكثرون من التوبة والاستغفار ، وأن الله يحفظ الرسل الكرام من الخطايا والكبائر ، فهم لا يرتكبون إلا خلاف الأولى ، ثم هم يعودون لله تائبين راجعين باكين مستغفرين ، وقد كان داود كثير السجود ، كثير البكاء ، كثير العبادة ، كثير الرجاء ، وتكفي هذه الآية كدليل على ذلك ، وكلها حنان وعطف ومغفرة في الدنيا ، وبيان بالزلفى والقربى والجنة في الآخرة ، مع حسن المآب والمرجع ، وحسن المنزلة عند الله تعالى .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

ولما كان الحال قد يشكل في الإخبار عن المغفرة لو عبر بضمير الغائب لإيهام أن ربه غير المتكلم ، وكان الغفران لا يحسن إلا مع القدرة ، عاد إلى مظهر العظمة إثباتاً للكمال ونفياً للنقص : فقال : { فغفرنا } أي بسبب ذلك وفي أثره على عظمتنا وتمام قدرتنا غفراً يناسب مقداره ما لنا من العظمة { له ذلك } أي الوقوع في الحديث عن إسناد الظلم إلى أحد بدون سماع لكلامه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه سبحانه لأجل هذه القصة أن كل من سبه أو دعا عليه وليس أهلاً لذلك أن يكون ذلك له صلاة وبركة ورحمة ، والحاصل أن هذه القضية لتدريب النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر على قومه ، والثاني فإن هذه السورة على ما روي عن جابر بن زيد من أوائل ما أنزل بمكة ، وعلى هذا دل الحديث السابق عن ابن عباس رضي الله عنهما في شكوى المشركين منه صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب الوقوع في آلهتهم فإنه كان في أوائل الأمر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دعاهم لم يؤمر بذكر آلهتهم فلم يجيبوه ولم يبعدوا عنه كل البعد ، ثم أمره الله بذكر ألهتهم فناكروه حينئذ وباعدوه ، وتقدموا ذلك بالشكوى إلى أبي طالب مرة بعد أخرى ليرده عنه ، فكانت هذه الدعوى تدريباً لداود عليه السلام في الأحكام ، وذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم تدريباً له على الأناة في جميع أموره على الداوم .

ولما كان ذكر هذا ربما أوهم شيئاً في مقامه صلى الله عليه وسلم ، سيق في أسلوب التأكيد قوله : { وإن له } أي مع الغفران ، وعظم ذلك بمظهر العظمة لأن ما ينسب إلى العظيم لا يكون إلا عظيماً فقال : { عندنا } وزاد في إظهار الاهتمام بذلك نفياً لذلك الذي ربما توهم ، فأكد قوله : { لزلفى } أي قربة عظيمة ثابتة بعد المغفرة { وحسن مآب * } أي مرجع في كل ما يؤمل من الخير ،