38-{ وآخرين مقرنين في الأصفاد } .
وسخر الله له عقوبة المردة من الجن ، فوضع الأغلال والقيود في أيديهم ، أو وضع الأغلال في جماعة منهم مع بعضهم ، والأصفاد : جمع صفد ، وهو ما يوثق به الأسير ، وقد يكون القيد في يد الأسير مستقلا ، وقد يقيّد الأسير مع مجموعة من الأسرى .
وقد سخر الله له هؤلاء المتمردين ، ليعملوا له ما يحتاج إليه أيضا ، وقريب منه المحكوم عليه بالأشغال الشّاقة ، الذي يشتغل بأعمال تُطلب منه ، أو يحكم عليهم بالعزل الانفرادي ، فيقيدون بالأغلال والسلاسل ليُتَّقى شرهم ، ونحن لا نعلم حقيقة تلك القيود ، ولا كيف تكون العقوبة ، فعلينا أن نؤمن بأن سليمان لعظم ملكه لم يكتف بتسخير الإنس في أعماله ، بل سخر معهم الجن فيما يصعب عليه ، ونتقبل هذا كما قصه القرآن الكريم ، فالعبرة به ماثلة ، ولا نتزيّد فيه .
ولما دل على مطلق تسخيرهم ، دل على أنه قهر وغلبة كما هو شأن أيالة الملك وصولة العز فقال : { وآخرين } أي سخرناهم له من الشياطين حال كونهم { مقرنين } بأمره إلى من يشاكلهم أو مقرونة أيديهم بأرجلهم أو بأعناقهم ، وعبر به مثقلاً دون " مقرونين " مثلاً إشارة إلى شدة وثاقهم وعظيم تقرينهم . ولما كانت مانعة لهم من التصرف في أنفسهم ، جعلوا كأنهم بأجمعهم فيها وإن لم يكن فيها إلا بعض أعضائهم مثل{ جعلوا أصابعهم في آذانهم }[ نوح : 7 ] فقال : { في الأصفاد } أي : القيود التي يوثق بها الأسرى من حديد أو قيد أو غير ذلك ، جمع صفد - بالتحريك ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن عفريتاً من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمان { هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي } فرددته خاسئاً " ، وقد حكمه الله في بعض الجن ، فحمي من الذين يطعنون دار مولده ودار هجرته ، روى أحمد في مسنده بسند حسن إن شاء الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة ، على كل نقب منهما ملك ، فلا يدخلهما الدجال ولا الطاعون " هذا في البلدين ، وأما المدينة خاصة ففيها أحاديث عدة عن عدة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما ، وقد عوض الله نبينا صلى الله عليه وسلم عن الشياطين التأييد بجيوش الملائكة في غزواته ، وقد كان نبينا عبداً كما اختار فلم يكن له حاجة بغير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.