قوله : { وَآخَرِينَ } عطف على «كُلَّ » فهو داخل في حكم البدل وتقدم شرح «مُقَرَّنِينَ في الأصْفَادِ » آخِرَ سورة إبراهيم .
قال ابن الخطيب : دلت هذه الآية على أن الشياطين لها قوة عظيمة قدروا بها على بناء تلك الأبنية العظيمة التي لا يقدر عليها البَشَر ، وقدروا على الغوص في البحار واستخراج الآلئ وقيدهم سليمان - عليه ( الصلاة و ) السلام- . ولقائل أن يقول : هذه الشياطين إما أن تكون أجسادهُم كثيفةً أو لطيفةً ؛ فإن كانت كثيفة وجب أن يراهم من كان شديد الحاسّة ؛ إذْ لو جاز أن لا نراهم مع كثافة أجْسادهم فليَجُزْ أن تكون بحضرتنا جبال عالية وأصوات هائلة ولا نراها ولا نسمعها وذلك دخول في السَّفْسَطَةِ وإن كانت أجسادهم لطيفةً فمثل هذا يمتنع أن يكون موصوفاً بالقوة الشديدة ، ويلزم أيضاً أن تتفرق أجسادُهُمْ وأن تَتَمزَّق بالرِّياح العاصفة القوية وأن يموتوا في الحال وذلك يمنع وصفهم بالقوة وأيضاً فالجِنّ والشياطين وإن كانوا موصوفين بهذه القوة والشدة فِلَمَ لا يقتلون العُلَمَاء والزُّهَّاد في زماننا هذا ولِمَ لا يُخَرِّبُون ديار الناس مع أن المسلمين يبالغون في إظهار لعنتهم وعداوتهم وحيث لم يحس بشَيْءٍ مِنْ ذلكَ عَلِمْنَا أن القولَ بإثبات الجنِّ ضعيفٌ .
قال ابن الخطيب : واعلم أن أصحابنا يجوزون أن تكون أجسادهم كثيفة مع أنا لا نراهم وأيضاً لا يبعد أن تكون أجسادهم لطيفة بمعنى عدم الكون ولكنها صُلبة بمعنى أنها لا تقبل التفرق . وأما الجُبَّائيّ فقد سلم أنها كانت كثيفة الأجسام ، وزعم أن الناس كانوا يشاهدونَهُمْ في زمن سُلَيْمَان - عليه الصلاة والسلام- ثم إنه لما توفي سليمان - عليه الصلاة والسلام- أمات الله أولئك الجنَّ والشياطين وخلق أنواعاً أخر من الجن والشياطين تكون أجسادهم في غاية الرّقَّة ، ولا يكون لهم شيء من القوة ، والموجود في زماننا من الجن والشياطين ليس إلا من هذا الجنس- والله أعلم- .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.