في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

واللمسة الرابعة في هذا المقطع هي تصوير العلم الإلهي المحيط بكل شيء ، المطلع على سر الإنسان وعلانيته ، وعلى ما هو أخفى من السر ، من ذوات الصدور الملازمة للصدور :

( يعلم ما في السماوات والأرض ، ويعلم ما تسرون وما تعلنون ، والله عليم بذات الصدور ) . .

واستقرار هذه الحقيقة في القلب المؤمن يفيده المعرفة بربه ، فيعرفه بحقيقته . ويمنحه جانبا من التصور الإيماني الكوني . ويؤثر في مشاعره واتجاهاته ؛ فيحيا حياة الشاعر بأنه مكشوف كله لعين الله . فليس له سر يخفى عليه ، وليس له نية غائرة في الضمير لا يراها وهو العليم بذات الصدور .

وإن آيات ثلاثة كهذه لكافية وحدها ليعيش بها الإنسان مدركا لحقيقة وجوده ، ووجود الكون كله ، وصلته بخالقه ، وأدبه مع ربه ، وخشيته وتقواه ، في كل حركة وكل اتجاه . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

1

المفردات :

والله عليم بذات الصدور : عليم بحديث النفس ، وخطرات القلب والسرّ ، فلا يخفى عليه شيء كليا أو جزئيا ، وعلمه بجميع الأشياء على سواء .

التفسير :

4- { يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } .

هو العليم بكل شيء .

قال تعالى : { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } . ( الأنعام : 59 ) .

هو العليم الخبير بسائر الموجودات في السماوات والأرض .

{ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . ( المجادلة : 7 ) .

وهو العليم بالغيب والشهادة ، أي بما غاب عن الحسّ وما ظهر أمام الحسّ ، وهو مطلع على السرّ والعلن ، فلا تخفى عليه خافية .

قال تعالى : { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

{ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } .

هو عليم بما تكنّه الصدور وما تخفيه ، فهو مطلع على الأسرار وخفايا الضمائر .

يا عالم الأسرار حسبي محنة علمي بأنك عالم الأسرار

قال تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } . ( ق : 16 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

ذات الصدور : الضمائر والسرائر .

إن عِلمه محيطٌ بهذا الكون العجيب لا تخفى عليه خافية ، وإن علمه لَيخترقُ الأنفس فيعلم ما في نفوسكم مما تُسرون وتعلنون ، { والله عَلِيمُ بِذَاتِ الصدور }

فلا تخفى عليه خافية .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يعلم ربكم أيها الناس ما في السموات السبع والأرض من شيء، لا يخفى عليه من ذلك خافية" وَيَعْلَمُ ما تُسِرّون "أيها الناس بينكم من قول وعمل "وَما تُعْلِنُونَ" من ذلك فتظهرونه.

"وَاللّهُ عَلِيمٌ بذَاتِ الصّدُورِ" يقول جلّ ثناؤه: والله ذو علم بضمائر صدور عباده، وما تنطوي عليه نفوسهم، الذي هو أخفى من السرّ، لا يعزب عنه شيء من ذلك. يقول تعالى ذكره لعباده: احذَروا أن تسرّوا غير الذي تعلنون، أو تضمروا في أنفسكم غير ما تُبدونه، فإن ربكم لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو محص جميعه، وحافظ عليكم كله.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

نبه بعلمه ما في السموات والأرض، ثم بعلمه ما يسره العباد ويعلنونه، ثم بعلمه ذوات الصدور: أن شيئاً من الكليات والجزئيات غير خاف عليه ولا عازب عنه، فحقه أن يتقي ويحذر ولا يجترأ على شيء مما يخالف رضاه. وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد، وكل ما ذكره بعد قوله تعالى: {فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ} [التغابن: 2] كما ترى في معنى الوعيد على الكفر، وإنكار أن يعصى الخالق ولا تشكر نعمته فما أجهل من يمزج الكفر بالخلق ويجعله من جملته، والخلق: أعظم نعمة من الله على عباده، والكفر: أعظم كفران من العباد لربهم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يعلم} أي علمه حاصل في الماضي والحال والمآل يتعلق بالمعلومات على حسب تعليق قدرته على وفق إرادته بوجدانها {ما} أي الذي أو كل شيء {في السماوات} كلها... {والأرض} ولما ذكر حال الظرف على وجه يشمل المظروف، وكان الاطلاع على أحوال العقلاء أصعب، قال مؤكداً بإعادة العامل: {ويعلم} أي على سبيل الاستمرار {ما تسرون} أي حال الانفراد وحال الخصوصية مع بعض الإفراد...

{وما تعلنون} من الكليات والجزيئات...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(يعلم ما في السماوات والأرض، ويعلم ما تسرون وما تعلنون، والله عليم بذات الصدور).. واستقرار هذه الحقيقة في القلب المؤمن يفيده المعرفة بربه، فيعرفه بحقيقته. ويمنحه جانبا من التصور الإيماني الكوني. ويؤثر في مشاعره واتجاهاته؛ فيحيا حياة الشاعر بأنه مكشوف كله لعين الله. فليس له سر يخفى عليه، وليس له نية غائرة في الضمير لا يراها وهو العليم بذات الصدور...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون} دحضا لشبهتهم، أي أن الذي يعلم ما في السماوات والأرض لا يعجزه تفرق أجزاء البدن إذا أراد جمعها. والذي يعلم السرّ في نفس الإِنسان، والسرُّ أدق وأخفى من ذرات الأجساد المتفرقة، لا تخفى عليه مواقع تلك الأجزاء الدقيقة...

وقد تضمن قوله: {ويعلم ما تسرون وما تعلنون} وعيداً ووعداً ناظريْن إلى قوله: {فمنكم كافر ومنكم مؤمن} [التغابن: 2]...

وإعادة فعل {يعلم} للتنبيه على العناية بهذا التعلق الخاص للعلم الإِلهي بعد ذكر تعلقه العام في قوله: {يعلم ما في السموات والأرض} تنبيهاً على الوعيد والوعد بوجه خاص.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

تجسّد هذه الآية علم الله اللامتناهي في ثلاثة مستويات:

علمه بكلّ المخلوقات، وما في السموات والأرض.

ثمّ علمه بأعمال الإنسان كافّة، سواء أضمرها أو أظهرها.

والثالث علمه بنيّة الإنسان وعقائده الداخلية التي تحكم قلب الإنسان وروحه.

ولا شكّ أنّ معرفة الإنسان بهذا العلم الإلهي ستترك عليه آثاراً تربوية كثيرة، وتحذّره بأنّ جميع تحرّكاته وسكناته وكلّ تصرّفاته ونيّاته، وفي أي مكان كانت، إنّما هي في علم الله وتحت نظره تبارك وتعالى. وممّا لا شكّ فيه أنّ ذلك سيهيئ الإنسان للحركة نحو الرقي والتكامل.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (4)

ولما تقرر بما مضى إحاطة قدرته بما دل على ذلك من إبداعه للخلق على هذا الوجه المحكم وشهد البرهان القاطع بأن ذلك صنعه وحده ، لا فعل{[65712]} فيه لطبيعة ولا غيرها ، دل على أن {[65713]}ذلك بسبب شمول علمه إشارة إلى أن من لم يكن تام العلم فهو ناقص القدرة فقال : { يعلم } أي علمه{[65714]} حاصل في الماضي والحال والمآل يتعلق بالمعلومات على حسب تعليق قدرته على وفق إرادته بوجدانها { ما } أي الذي أو كل شيء { في السماوات } كلها .

ولما كان الكلام بعد قيام الدليل القطعي البديهي{[65715]} على جميع أصول الدين مع الخلص لأن بداهة الأدلة قادتهم إلى الاعتقاد أو إلى{[65716]} حال صاروا فيه أهلاً للاعتقاد ، والتحلي بحلية أهل السداد ، ولم يؤكد{[65717]} بإعادة الموصول بل قال : { والأرض } ولما ذكر حال الظرف على وجه يشمل{[65718]} المظروف ، وكان الاطلاع على أحوال العقلاء أصعب ، قال مؤكداً بإعادة العامل : { ويعلم } أي على سبيل الاستمرار { ما تسرون } أي{[65719]} حال الانفراد وحال الخصوصية مع بعض الإفراد . ولما كانت لدقتها وانتشارها بحيث ينكر بعض الضعفاء الإحاطة بها ، وكان الإعلان ربما خفي لكثرة لغط واختلاط{[65720]} أصوات ونحو ذلك أكد فقال : { وما تعلنون } من الكليات والجزيئات خلافاً لمن يقول : يعلم الكليات فقط{[65721]} ولا يعلم{[65722]} الجزئيات إلا بعد وجودها ، من فلسفي وغيره ، ولمن يقول : يعلم الكليات{[65723]} خاصة . ولما ذكر حال المظروف على وجه يشمل ظروفه وهي الصدور ، وكان أمرها أعجب من أمر غيرها ، قال مصرحاً بها إشارة إلى دقة أمرها مظهراً موضع الإضمار{[65724]} تعظيماً : { والله } أي الذي له الإحاطة التامة لكل كمال { عليم } أي بالغ العلم { بذات } أي صاحبة { الصدور * } من الأسرار والخواطر التي لم تبرز إلى الخارج سواء كان صاحب الصدر قد علمها أو لا ، وعلمه {[65725]}لكل ذلك{[65726]} على حد سواء لا تفاوت فيه بين علم الخفي وعلم الجلي ، لأن نسبة المقتضي لعلمه وهو وجود ذاته على ما هي عليه من صفات الكمال إلى الكل على حد سواء ، فراقبوه في الإخلاص وغيره مراقبة من يعلم أنه بعينه لا يغيب عنه واحذروا{[65727]} أن يخالف السر العلانية ، فإن حقه أن يتقي ويحذر ، وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد وتقديم تقرير القدرة على تقريره{[65728]} لأن دلالة المخلوقات على قدرته أولاً وبالذات ، وكمال قدرته يستلزم كمال علمه لأن من لا يكمل علمه لا تتم قدرته ، فلا يأتي مصنوعه محكماً .


[65712]:- من ظ وم، وفي الأصل: صنع.
[65713]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[65714]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[65715]:- زيد في الأصل وظ: الذي، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[65716]:- زيد في الأصل وظ: حاصل، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[65717]:- من م، وفي الأصل وظ: لم يكد.
[65718]:- من ظ وم، وفي الأصل: يشتمل.
[65719]:- زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[65720]:- من م، وفي الأصل وظ: اختلاف.
[65721]:- زيد من ظ وم.
[65722]:- زيد من ظ وم.
[65723]:- زيد من ظ وم.
[65724]:- زيد من ظ وم.
[65725]:- من ظ وم، وفي الأصل وظ: لذلك.
[65726]:- من ظ وم، وفي الأصل وظ: لذلك.
[65727]:- من ظ وم، وفي الأصل: احذر.
[65728]:- من م، وفي الأصل وظ: تقديره.