ضيزى : جائرة غير عادلة ، ناقصة غير تامة .
22- { تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى } .
إنها قسمة جائرة ظالمة ، أن يكون لكم معشر المشركين النوع المحبوب من الأولاد وهو الذكر ، وله تعالى النوع المذموم بزعمكم وهو الأنثى .
إنهم ما قالوا : لنا البنون وله البنات ، وإنما نسبوا إلى الله البنات ، وكانوا يكرهونهنّ ، كما قال تعالى : { ويجعلون لله ما يكرهون . . . } ( النحل : 62 )
{ تلك إذاً قسمة ضيزى } : أي قسمتكم هذه إذاً قسمة ضيزى أي جائرة غير عادلة ناقصة غير تامة .
إذا كان الأمر على ما رأيتم فإنها قسمة ضيزى أي جائرة غير عادلة وناقصة غير تامة فكيف ترضونها لمن عبدتم الأصنام من أجل التوسل بها إليه لقضى حوائجكم ؟ .
- التنديد بالشرك والمشركين وتسفيه أحلامهم لعبادتهم أسماء لا مسميات لها في الخارج إذ تسمية حجراً إلهاً لن تجعله إلهاً
قوله تعالى : { تلك إذاً قسمة ضيزى } قال ابن عباس وقتادة : أي قسمة جائزة حيث جعلتم لربكم ما تكرهون لأنفسكم . قال مجاهد ومقاتل : قسمة عوجاء . وقال الحسن : غير معتدلة . قرأ ابن كثير : ضئزى بالهمزة ، وقرأ الآخرون بغير همز . قال الكسائي : يقال منه ضاز يضيز ضيزاً ، وضاز يضوز ضوزاً ، وضاز يضاز ضازاً إذا ظلم ونقص ، وتقدير ( ضيزى ) من الكلام فعلى بضم الفاء ، لأنها صفة والصفات لا تكون إلا على فعلى بضم الفاء ، نحو حبلى وأنثى وبشرى ، أو فعلى بفتح الفاء ، نحو غضبى وسكرى وعطشى ، وقيس في كلام العرب فعلى بكسر الفاء في النعوت ، إنما يكون في الأسماء ، مثل : ذكرى وشعرى ، وكسرى والضاد هاهنا لئلا تنقلب الياء واواً وهي من بنات الباء كما قالوا في جمع أبيض بيض ، والأصل بوض مثل حمر وصفر فأما من قال : ضاز يضوز فالاسم منه ضوزى مثل شورى .
" تلك إذا " يعني هذه القسمة " قسمة ضيزى " أي جائرة عن العدل ، خارجة عن الصواب ، مائلة عن الحق . يقال : ضاز في الحكم أي جار ، وضاز حقه يضيزه ضيزا - عن الأخفش - أي نقصه وبخسه . قال : وقد يهمز فيقال ضأزه يضأزه ضَأْزاً وأنشد :
فإن تَنْأَ عنا نَنْتَقِصْكَ وإن تُقِمْ{[14389]} *** فَقِسْمُك مَضؤُوزٌ وأنفك راغِمُ
وقال الكسائي : يقال ضاز يضيز ضيزا ، وضاز يضوز ، وضأز يضأز ضأزا إذا ظلم وتعدى وبخس وانتقص ، قال الشاعر{[14390]} :
ضَازتْ بنو أسد بِحُكْمِهِم *** إذْ يجعلون الرأسَ كالذَّنَبِ
قوله تعالى : " قسمة ضيزى " أي جائرة ، وهي فعلى مثل طوبى وحبلى ، وإنما كسروا الضاد لتسلم الياء ؛ لأنه ليس في الكلام فعل صفة ، وإنما هو من بناء الأسماء كالشِّعرى والدِّفلى . قال الفراء : وبعض العرب تقول ضوزى وضئزى بالهمز . وحكى أبو حاتم عن أبي زيد : أنه . سمع العرب تهمز " ضيزى " . قال غيره : وبها قرأ ابن كثير ، جعله مصدرا مثل ذكرى وليس بصفة ؛ إذ ليس في الصفات فعلى ولا يكون أصلها فعلى ؛ إذ ليس فيها ما يوجب القلب ، وهي من قولهم ضأزته أي ظلمته . فالمعنى قسمة ذات ظلم . وقد قيل هما لغتان بمعنى . وحكى فيها أيضا سواهما ضيزى وضازى وضوزى وضؤزى . وقال المؤرج : كرهوا ضم الضاد في ضيزى ، وخافوا انقلاب الياء واوا وهي من بنات الواو ، فكسروا الضاد لهذه العلة ، كما قالوا في جمع أبيض بيض ، والأصل بُوضٌ ، مثل حُمْر وصُفْر وخُضْر . فأما من قال : ضاز يضوز فالاسم منه ضُوزَى مثل شورى .
ولما كان الاستفهام إنكارياً رد الإنكار بقوله فذلكة لفعلهم : { تلك } أي هذه القسمة البعيدة عن الصواب { إذاً } أي إذ جعلتم البنات له والبنين لكم { قسمة ضيزى * } أي جائرة ناقصة ظالمة فيما يحسن للحق للغاية عرجاء غير معتدلة حيث خصصتم به ما أوصلتكم الكراهة له إلى دفنه حياً ، وقد علم أن الآية من الاحتباك : دل ذكر اسمها في أسلوب الإنكار على حذف إنكار كونها آلهة وإنكار تخصيصة بالإناث على حذف ما يدل على أنهم جعلوها بناته .