في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

وها هي ذي امرأة فرعون ، لم يصدها طوفان الكفر الذي تعيش فيه . . في قصر فرعون . . عن طلب النجاة وحدها . . وقد تبرأت من قصر فرعون طالبة إلى ربها بيتا في الجنة . وتبرأت من صلتها بفرعون فسألت ربها النجاة منه . وتبرأت من عمله مخافة أن يلحقها من عمله شيء وهي ألصق الناس به : ( ونجني من فرعون وعمله ) . . وتبرأت من قوم فرعون وهي تعيش بينهم : ( ونجني من القوم الظالمين ) . .

ودعاء امرأة فرعون وموقفها مثل للاستعلاء على عرض الحياة الدنيا في أزهى صورة . فقد كانت امرأة فرعون أعظم ملوك الأرض يومئذ . في قصر فرعون أمتع مكان تجد فيه امرأة ما تشتهي . . ولكنها استعلت على هذا بالإيمان . ولم تعرض عن هذا العرض فحسب ، بل اعتبرته شرا ودنسا وبلاء تستعيذ بالله منه . وتتفلت من عقابيله ، وتطلب النجاة منه !

وهي امرأة واحدة في مملكة عريضة قوية . . وهذا فضل آخر عظيم . فالمرأة - كما أسلفنا - أشد شعورا وحساسية بوطأة المجتمع وتصوراته . ولكن هذه المرأة . . وحدها . . في وسط ضغط المجتمع ، وضغط القصر ، وضغط الملك ، وضغط الحاشية ، والمقام الملوكي . في وسط هذا كله رفعت رأسها إلى السماء . . وحدها . . في خضم هذا الكفر الطاغي !

وهي نموذج عال في التجرد لله من كل هذه المؤثرات وكل هذه الأواصر ، وكل هذه المعوقات ، وكل هذه الهواتف . ومن ثم استحقت هذه الإشارة في كتاب الله الخالد . الذي تتردد كلماته في جنبات الكون وهي تتنزل من الملأ الأعلى . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

10

المفردات :

امرأة فرعون : هي آسية بنت مزاحم .

نجني من فرعون وعمله : خلِّصني منه ، فإني أبرأ إليك منه ومن عمله .

القوم لظالمين : هم الوثنيون أقباط مصر – في ذلك الوقت – وحاشية فرعون .

التفسير :

11-{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } .

ونموذج آخر حيّ للإيمان والمثل الأعلى الصالح ، امرأة فرعون ، كانت تحت أعظم ملك ، ومعها القصور والجاه ، لكنها لما آمنت بموسى زهدت في كل شيء ، وعذّبها فرعون بأربعة أوتاد ، من يديها ورجليها ، لكنها رفضت كل إغراء ، وطلبت النجاة من فرعون وعمله ، والنجاة من حاشيته وأتباعه ، وأن يكون بيتها عند الله في الجنة ، في معية الله ورحمته ، وفضله ورعايته .

قال بعض العلماء :

ما أحسن هذا الكلام ، فقد اختارت الجار قبل الدار حيث قالت : ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ . فهي تطمع في جوار الله قبل طمعها في القصور ، وفي الآية دليل على إيمانها بالبعث والدار الآخرة .

قال قتادة :

كان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم ، فو الله ما ضرّ امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ، ليعلموا أن الله تعالى حكم عدل ، لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

وهناك حالة أخرى عكسَ ما تقدم ، وهي امرأةُ فرعون آسيةُ بنت مزاحم ، كانت زوجةً لرجل من شرار الناس ، وهي مؤمنة مخلصة في إيمانها : { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين } . وهذا كله يتفق مع قاعدة الإسلام { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } [ النجم : 38 ] وقوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت } [ البقرة : 286 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فوصفها الله بالإيمان والتضرع لربها ، وسؤالها لربها أجل المطالب ، وهو دخول الجنة ، ومجاورة الرب الكريم ، وسؤالها أن ينجيها الله من فتنة فرعون وأعماله الخبيثة ، ومن فتنة كل ظالم ، فاستجاب الله لها ، فعاشت في إيمان كامل ، وثبات تام ، ونجاة من الفتن ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : { كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء ، إلا مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

قوله تعالى : " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون " واسمها آسية بنت مزاحم . قال يحيى بن سلام : قوله " ضرب الله مثلا للذين كفروا " مثل ضربه الله يحذر به عائشة وحفصة في المخالفة حين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ضرب لهما مثلا بامرأة فرعون ومريم ابنة عمران ؛ ترغيبا في التمسك بالطاعة والثبات على الدين . وقيل : هذا حث للمؤمنين على الصبر في الشدة ، أي لا تكونوا في الصبر عند الشدة أضعف من امرأة فرعون حين صبرت على أذى فرعون . وكانت آسية آمنت بموسى . وقيل : هي عمة موسى آمنت به . قال أبو العالية : اطلع فرعون على إيمان امرأته فخرج على الملأ فقال لهم : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟ فأثنوا عليها . فقال لهم : إنها تعبد ربا غيري . فقالوا له : أقتلها . فأوتد لها أوتادا وشد يديها ورجليها فقالت : " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " ووافق ذلك حضور فرعون ، فضحكت حين رأت بيتها في الجنة . فقال فرعون : ألا تعجبون من جنونها ! إنا نعذبها وهي تضحك ؛ فقبض روحها . وقال سلمان الفارسي فيما روى عنه عثمان النهدي : كانت تعذب بالشمس ، فإذا أذاها حر الشمس أظلتها الملائكة بأجنحتها . وقيل : سمر يديها ورجليها في الشمس ووضع على ظهرها رحى ؛ فأطلعها الله . حتى رأت مكانها في الجنة . وقيل : لما قالت : " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " أريت بيتها في الجنة يبنى . وقيل : إنه من درة ، عن الحسن . ولما قالت : " ونجني " نجاها الله أكرم نجاة ، فرفعها إلى الجنة ، فهي تأكل وتشرب وتتنعم . " من فرعون وعمله " تعني بالعمل الكفر . وقيل : من عمله من عذابه وظلمه وشماتته . وقال ابن عباس : الجماع . " ونجني من القوم الظالمين " قال الكلبي : أهل مصر . مقاتل : القبط . قال الحسن وابن كيسان : نجاها الله أكرم نجاة ، ورفعها إلى الجنة ، فهي فيها تأكل وتشرب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

ولما أتم مثل النذارة بأن طاعة المطيع لا تنفع العاصي وإن كان أقرب الناس إلى المطيع إلا إن كان له أساس يصح البناء عليه ، ويجوز الاعتداد به والنظر إليه ، أتبعه مثل البشارة بأن عصيان العاصي لا يضر المطيع فقال : { وضرب الله } أي الملك الأعلى الذي له صفات الكمال { مثلاً للذين آمنوا } ولو كان في أدنى درجات الإيمان مبيناً لأن وصلة الكفار إذا كانت على وجه الإكراه والإجبار لا تضر { امرأت فرعون } واسمها آسية بنت مزاحم ، آمنت وعملت صالحاً فلم تضرها الوصلة بالكافر بالزوجية التي هي من أعظم الوصل ولا نفعه إيمانها

{ كل امرىء بما كسب رهين }[ الطور : 21 ] وأثابها ربها سبحانه أن جعلها زوجة خير خلقه محمد صلى الله عليه وسلم في دار كرامته بصبرها على عبادة الله وهي في{[66572]} حبالة عدوه ، وأسقط وصفه بالعبودية دليلاً على تحقيره وعدم رحمته لأنه أعدى أعدائه ، وأشار إلى وجه الشبه في المثل وهو التحيز إلى حزب الله بقدر الوسع فقال{[66573]} : { إذ } أي مثلهم مثلها حين { قالت } تصديقاً بالبعث منادية نداء الخواص بإسقاط الأداة لأجل أنها مؤمنة وإن كانت تحت كافر بنا فلم تضر صحبته شيئاً لأجل إيمانها : { رب } أي أيها المحسن إليّ بالهداية وأنا في حبالة هذا الكافر الجبار ولم تغرني بعز الدنيا وسعتها { ابن لي } .

ولما كان الجار{[66574]} مطلوباً - كما قالوا - قبل الدار ، طلبت خير جار وقدمت الظرف اهتماماً به لنصه على المجاورة ولدلالته على الزلفى فقالت : { عندك بيتاً } وعينت مرادها بالعندية فقالت : { في الجنة } لأنها{[66575]} دار المقربين فظهر من أول كلامها وآخره أن مطلوبها أخص داره ، وقد أجابها سبحانه بأن جعلها زوجة لخاتم رسله الذي هو خير خلقه وأقربهم منه ، فكانت معه في منزله الذي هو {[66576]}أعلى المنازل{[66577]} .

ولما سألت ما حيّزها إلى جناب الله سألت ما يباعدها في الدارين من أعدائه فقالت : { ونجني } أي تنجية عظيمة { من فرعون } أي فلا أكون عنده ولا تسلطه عليّ بما يضرني عندك { وعمله } أي أن أعمل بشيء منه { ونجني } أعادت العامل تأكيداً { من القوم الظالمين * } أي الناس الأقوياء العريقين في أن يضعوا أعمالهم في غير مواضعها التي أمروا بوضعها فيها فعل من يمشي في الظلام عامة ، وهم القبط ، لا تخالطني بأحد منهم ، فاستجاب الله تعالى دعاءها وأحسن إليها لأجل محبتها للمحبوب وهو موسى عليه الصلاة والسلام كما يقال : صديق{[66578]} صديقي داخل في صداقتي ، وذلك أن{[66579]} موسى عليه الصلاة والسلام لما غلب السحرة آمنت به فعذبها فرعون فماتت بعد أن أراها الله بيتها في الجنة ولم يضرها كونها تحت فرعون شيئاً لأنها كانت معذورة في ذلك ، فالآية من الاحتباك : حذف أولاً " فلم تسألا{[66580]} الجنة " لدلالة " رب ابن لي " ثانياً عليه ، وحذف ثانياً " كانت تحت كافر " لدلالة الأول عليه .


[66572]:- زيد من ظ وم.
[66573]:- زيد من ظ وم.
[66574]:- من ظ وم، وفي الأصل: الحبار.
[66575]:- في ظ وم: أي.
[66576]:- من ظ وم، وفي الأصل: أعظم المنازل وأعلاهم.
[66577]:- من ظ وم، وفي الأصل: أعظم المنازل وأعلاهم.
[66578]:- من ظ وم، وفي الأصل: صديقي.
[66579]:- زيد من ظ وم.
[66580]:- من ظ وم، وفي الأصل: لم تسأل.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

قوله تعالى : { وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين 11 ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين } .

وهذا مثل ثان ضربه الله للمؤمنين الموقنين القانتين الثابتين على الإيمان والحق الذين لا يضربهم من خالفهم من الظالمين والطغاة . ضرب الله لذلك امرأة فرعون . هذه المرأة التقية الصابرة الفضلى التي احتملت من نكال فرعون وقهره وتعذيبه ما لا يطيقه إلا الصادقون الأبرار ، وأولئك هم أولو العزم المكين والإيمان المتوطد الراسخ الذي لا يهون ولا يضطرب .

تلك هي امرأة فرعون ، وهي آسية بنت مزاحم ، كانت زوجة لواحد من أعتى العتاة وأظلم الجبابرة في الأرض . وذلكم هو فرعون الطاغوت الشقي الأثيم ، الذي زعم – بفرط غروره وجهالته وكبريائه – أنه إله ، ثم استخف قومه من حوله فأطاعوه وعبدوه من دون الله . لكن امرأته آسية آمنت بالله وحده وصدقت بدعوة موسى عليه والسلام . فلما علم فرعون بإيمانها نكّل بها تنكيلا وعذبها أشد العذاب . فدعت ربها { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة } ذكر أنها كانت تعذّب بالشمس فإذا آذاها حر الشمس أظلتها الملائكة بأجنحتها .

وقيل : سمّر يديها ورجليها في الشمس ووضع على ظهرها رحى ، فأطلعها الله حتى رأت مكانها في الجنة . ومن دعائها أيضا { ونجني من فرعون وعمله } أي خلصني من كيد فرعون واكتب لي النجاة من شره وعدوانه { ونجني من القوم الظالمين } وهم القبط ، أو المشركين من قوم فرعون . سألت ربها أن يدفع عنها كفر هؤلاء الظالمين وكيدهم وفسادهم .