بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (11)

ثم ضرب الله مثلاً للمؤمنين ، فقال عز وجل : { وَضَرَبَ الله مَثَلاً لّلَّذِينَ آمَنُواْ } يعني : بيَّن الله شبهاً وصفة للمؤمنين الذين آمنوا . { امرأة فِرْعَوْنَ } ، فإنها كانت صالحة ، لم يضرها كفر فرعون ، فكذلك من كان مطيعاً لله لا يضره شر غيره ؛ ويقال : هذا حث للمؤمنين على الصبر في الشدة ، يعني : لا تكونوا في الصبر عند الشدة أضعف من امرأة فرعون ، صبرت على إيذاء فرعون . { إِذْ قَالَتْ رَبّ ابن لي عِندَكَ بَيْتاً في الجنة } ؛ وذلك أن فرعون لما علم بإيمانها ، فطلب منها أن ترجع ، فأبت ولم ترجع عن إيمانها ، فوتدها بأربعة أوتاد في يديها ورجليها ، وربطها وجعل على صدرها حجر الرحى ، وجعلها في الشمس . فأراها الله تعالى بيتها في الجنة ، ونسيت ما هي فيه من العذاب ، وضحكت ، فقالوا عند ذلك : هي مجنونة تضحك ، وهي في العذاب .

وروى أبو عثمان النهدي ، عن سلمان الفارسي قال : كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس ، فإذا ذرت ، أي طلعت الشمس وارتفعت ، أظلتها الملائكة بأجنحتها ، وأريت مقعدها من الجنة .

وروى قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ العَالَمِينَ أَرْبَعٌ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ » .

ثُمّ قال الله عز وجل : { رَبّ ابن لي عِندَكَ بَيْتاً في الجنة } يعني : ارزقني في الجنة . { وَنَجّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ } يعني : من عذاب فرعون وظلمه . { وَنَجّنِي مِنَ القوم الظالمين } يعني : من قوم فرعون ، يعني : من تعييرهم وشماتتهم .