في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

وكانت [ مناة ] بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة . وكانت خزاعة والاوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة .

وكان بالجزيرة كثير من هذه المعبودات تعظمها القبائل المختلفة . ولكن هذه الثلاثة كانت أعظمها .

والمظنون أن هذه المعبودات كانت رموزا لملائكة يعتبرهن العرب إناثا ويقولون : إنهن بنات الله . ومن هنا جاءت عبادتها ، والذي يقع غالبا أن ينسى الأصل ، ثم تصبح هذه الرموز معبودات بذاتها عند جمهرة العباد . ولا تبقى إلا قلة متنورة هي التي تذكر أصل الأسطورة !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

الملك لله وحده

{ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ( 20 ) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ( 21 ) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ( 22 ) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ( 23 ) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ( 24 ) فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى ( 25 ) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى( 26 ) }

19

المفردات :

اللات : صنم لثقيف ، وأصل ذلك أن رجلا كان يلتّ السويق للحاج ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه ، ويُظنّ أن ( اللات ) مؤنث لفظ الجلالة ( الله ) سبحانه وتعالى :

العزى : شجرة عليها بناء وأستار بنخلة ، وهي بين مكة والطائف ، وكانت قريش تعظمها ، كما قال أبو سفيان يوم أُحُد : ( لنا العزى ولا عزّى لكم ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله مولانا ولا مولى لكم " ، ويظنّ أن العزّى مؤنث العزيز .

مناة : صخرة بالمشلل ، عند قديد بين مكة والمدينة ، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة ، وكانت دماء النسائك تمنى عندها ، أي : تراق .

الأخرى : المتأخرة الوضيعة القدر .

التفسير :

19-20- { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى } .

هذه أصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية ، وهنا يقرعهم القرآن ويوبخهم على عبادتهم لها ، وهي لا تملك أن تخلق مثل هذا الكون ، ولا تملك أن تختار رسولا مثل محمد ، ولا أن تختار ملاكا مثل جبريل ينزل بالوحي ، فلماذا يتركون الله العظيم القادر الخالق الرازق ، ويتجهون بعبادتهم إلى هذه الأصنام ، ومن هذه الأصنام :

( أ‌ ) اللات : وكانت صخرة بيضاء منقوشا عليها نقوش ، وهي داخل بيت بالطائف ، له أستار وسدنة ، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف ، وقيل : إن اللات رمز لرجل كان يلتُّ السويق للحاج على حجر ، فلما مات عبدوا ذلك الحجر إجلالا له ، وسموه بذلك ، وبقيت اللات إلى أن أسلمت ثقيف ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار .

( ب‌ ) العزّى : وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة ، بين مكة والطائف لغطفان ، وكانت قريش تعظمها ، كما قال أبو سفيان يوم أحد : لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " x .

وقد ذهب خالد بن الوليد إلى العزّى فهدمها ، وهو يقول :

يا عزّ كفرانك لا سبحانك *** إني رأيت الله قد أهانك

( أ‌ ) مناة : وكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة ، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها ، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة ، وتذبح عندها القرابين ، وسميت ( مناة ) لأن الدماء كانت تمنى عندها ، أي : تراق .

وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فهدمها عام الفتح .

" وكانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخرى ، تعظمها العرب كتعظيم الكعبة ، غير هذه الثلاثة التي نصَّت عليها الآية ، وإنما أفردت هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها " . xi

قال ابن إسحاق :

كانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت ، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة ، لها سدنة وحُجّاب ، تطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها .

وخلاصة المعنى : أخبروني يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها – اللات والعزّى ومناة – هل لها من القدرة والعظمة والخلق والإبداع مثل الله تعالى حتى عبدتموها ، وطفتم حولها ، وزعمتم أنها آلهة ؟

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

{ الثالثة } وصف للتأكيد . { الأخرى } صفة ذم للثالثة بأنها متأخرة في الرتبة وضيعة القدر ، وكانت عندهم أعظم الثلاثة . وتتضمن ذم السابقتين أيضا .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

مَناة : وهي أقدم هذه الأصنام ، وكان صنمه منصوباً على ساحل البحر بناحية المشلل بِقَديدٍ ، بين المدينة ومكة . وكانت العرب جميعا تعظّمه وتذبح حوله . وكانت الأوسُ والخزرج تعظّمه أكثرَ من جميع العرب ، وكانوا يحلقون رؤوسهم عند مناة . وبعد فتح مكة أرسل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب كرم الله وجهه فهدَمها وأخذ ما كان لها . وكان من جملة ما وجدَ عندها سيفان ، فوهبَهما الرسولُ إلى علي رضي الله عنه . والعرب تسمى : عبدَ مناة وزيدَ مناة ، وكانت أقدم الأصنام الثلاثة .

قراءات :

قرأ ابن كثير : مناءة بمدّ الألف والهمزة المفتوحة ، والباقون : مناة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

و " مناة " من " المنان " إلحادا في أسماء الله وتجريا على الشرك به ، وهذه أسماء متجردة عن المعاني ، فكل من له أدنى مسكة من عقل ، يعلم بطلان هذه الأوصاف فيها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

{ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى } هذه أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة والمعنى أخبرونا عن هذه الاناث التي تعبدونها وتزعمون أنها بنات الله ألله هي وأنتم تختارون الذكران وذلك قوله { ألكم الذكر وله الأنثى }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

قوله تعالى : " ومناة الثالثة الأخرى " قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد ومجاهد والسلمي والأعشى عن أبي بكر " ومناءة " بالمد والهمز . والباقون بترك الهمز لغتان . وقيل : سمي بذلك ؛ لأنهم كانوا يريقون عنده الدماء يتقربون بذلك إليه . وبذلك سميت منى لكثرة ما يراق فيها من الدماء . وكان الكسائي وابن كثير وابن محيصن يقفون بالهاء على الأصل . الباقون بالتاء اتباعا لخط المصحف . وفي الصحاح : ومناة اسم صنم كان لهذيل وخزاعة{[14386]} بين مكة والمدينة ، والهاء للتأنيث ويسكت عليها بالتاء وهي لغة ، والنسبة إليها منوي . وعبد مناة بن أد بن طابخة ، وزيد مناة بن تميم بن مريمد ويقصر ، قال هَوبَر الحارثي :

ألا هل أتَى التَّيْمَ بن عبد مَنَاءة *** على الشِّنءِ فيما بيننا ابنُ تميم

قوله تعالى : " الأخرى " العرب لا{[14387]} تقول للثالثة أخرى وإنما الأخرى نعت للثانية ، واختلفوا في وجهها ، فقال الخليل : إنما قال ذلك لوفاق رؤوس الآي ، كقوله : " مآرب أخرى " [ طه : 18 ] ولم يقل أخر . وقال الحسين بن الفضل : في الآية تقديم وتأخير مجازها أفرأيتم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة . وقيل : إنما قال " ومناة الثالثة الأخرى " لأنها كانت مرتبة عند المشركين في التعظيم بعد اللات والعزى فالكلام على نسقه . وقد ذكرنا عن ابن{[14388]} هشام : أن مناة كانت أولا في التقديم ؛ فلذلك كانت مقدمة عندهم في التعظيم ، والله أعلم . وفي الآية حذف دل عليه الكلام ، أي أفرأيتم هذه الآلهة هل نفعت أو ضرت حتى تكون شركاء لله .


[14386]:الزيادة من الصحاح واللسان.
[14387]:زيادة يقتضيها السياق.
[14388]:من ب، ح، ز، س، ل هـ.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

{ ومناة الثالثة الأخرى ) وأما { مناة } فصخرة كانت لهذيل وخزاعة بين مكة والمدينة ، وكانت أعظم هذه الأوثان ، قال ابن عطية : ولذلك قال تعالى : الثالثة الأخرى فأكدها بهاتين الصفتين ، وقال الزمخشري الأخرى ذم وتحقير أي : المتأخرة الوضيعة القدر ، ومنه { قالت أخراهم لأولاهم } [ الأعراف : 38 ] .