في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

( علمه شديد القوى . ذو مرة فاستوى . وهو بالأفق الأعلى . ثم دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى . ما كذب الفؤاد ما رأى . أفتمارونه على ما يرى ? ) . .

والشديد القوي ذو المرة [ أي القوة ] ، هو جبريل - عليه السلام - وهو الذي علم صاحبكم ما بلغه إليكم .

وهذا هو الطريق ، وهذه هي الرحلة ، مشهودة بدقائقها : استوى وهو بالأفق الأعلى . حيث رآه محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وكان ذلك في مبدأ الوحي . حين رآه على صورته التي خلقه الله عليها ، يسد الأفق بخلقه الهائل .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

1

المفردات :

شديد القوى : جبريل عليه السلام .

ذو مِرّة : ذو حصافة عقل وقوة عارضة ، من قولهم : أَمْرَرْتُ الحبل ، أي : أحكمت فتله .

فاستوى : فاستقام على صورته التي خلقه الله عليها ، عند حراء في مبدأ النبوة .

وهو بالأفق الأعلى : بالجهة العليا من السماء المقابلة للناظر .

التفسير :

5 ، 6 ، 7- { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى } .

جبريل أمين السماء يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مثل صلصلة الجرس ، وأحيانا يأتيه الوحي مثل دوّى النحل ، وهي حالة غيبية علوية ، يغيب فيها النبي صلى الله علي وسلم عمّن حوله ، ويتحول بكل حواسه وثقله الروحي إلى تلقي الوحي من جبريل ، وجبريل ملاك أمين ، فيفصم جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وعى ما يقوله من أمر الوحي .

قالت عائشة : ولقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد ، وإن جبينه ليتفصَّد عرقا . iv

ومعنى الآيات :

علَّم محمدا مَلَك شديد القوى هو جبريل عليه السلام ، شديد القوى العلمية والعملية ، وهو ذو قوة وشدّة في الخلق .

ومعنى ذو مرة : ذو حصافة في العقل ، ومتانة في الرأي ، وهو أمين أيّ أمين ، ذو جدارة وهمة بالغة ، في تنفيذ المهام المكلّف بها .

وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية ، في الأفق الأعلى ، أي في الجهة العليا من السماء ، وهي أفق الشمس ، فسدَّ الأفق عندما جاء بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أول ما جاء .

قال الله تعالى : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ } . ( التكوير : 19-23 )

وقال تعالى : { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } . ( الشعراء : 192-195 )

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذو مرة } ذو حصافة واستحكام في عقله ورأيه . وهو كناية عن ظهور آثاره البديعة وأفعاله العجيبة . أو ذو منظر حسن . { فاستوى } فاستقام وظهر في صورته الملائكية في ناحية المشرق ؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند حراء في مبادئ النبوة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذُو مِرَّةٍ } أي : قوة ، وخلق حسن ، وجمال ظاهر وباطن . { فَاسْتَوَى } جبريل عليه السلام

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذو مرة } أي جزم في قوة وقدرة عظيمة على الذهاب فيما أمر به والطاقة لحمله في غير آية النشاط والحدة كأنه ذو مزاج غلبت عليه الحدة فهو صعب المراس ماض في مراوته على طريقة واحدة على غاية من الشدة لا توصف لا التفات له بوجه إلى غير ما أمر به ، فهو على غاية الخلوص فهو مجتمع القوى مستحكم الشأن شديد الشكيمة ، لا بيان في شيء بزواله ومن جملة ما أعطى من القوة والقدرة على التشكل ، وإلى ذلك كله أشار بما سبب عن هذا من قوله : { فاستوى * } فاستقام واعتدل بغاية ما يكون من قوته على أكمل حالاته في الصورة التي فطر عليها