النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى } فيه خمسة أوجه :

أحدها : ذو منظر حسن ، قاله ابن عباس .

الثاني : ذو غناء ، قاله الحسن .

الثالث : ذو قوة ، قاله مجاهد وقتادة ، ومن قول خفاف بن ندبة :

إني امرؤ ذو مرة فاستبقني *** فيما ينوب من الخطوب صليب

الرابع : ذو صحة في الجسم وسلامة من الآفات ، ومن قول امرىء القيس :

كنت فيهم أبداً ذا حيلة *** محكم المرة مأمون العقد

الخامس : ذو عقل ، قاله ابن الأنباري ، قال الشاعر :

قد كنت عند لقاكم ذا مرة *** عندي لكل مخاصم ميزانه

وفي قوله { فَاسْتَوَى } خمسة أوجه :

أحدها : فاستوى جبريل في مكانه ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : قام جبريل على صورته التي خلق عليها لأنه كان يظهر له قبل ذلك في صورة رجل . حكى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل على صورته إلا مرتين : أما واحدة{[2791]} ، فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق . وأما الثانية{[2792]} ، فإنه كان معه حين صعد ، وذلك قوله { وَهُوَ بِاْلأُفُقِ الأَعْلَى } .

الثالث : فاستوى القرآن في صدره ، وفيه على هذا وجهان :

أحدهما : فاعتدل في قوته .

الثاني : في رسالته .

الرابع : يعني : فارتفع ، وفيه على هذا وجهان :

أحدهما : أنه جبريل ارتفع إلى مكانه .

الثاني : أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ارتفع بالمعراج .


[2791]:كان ذلك في حراء، وقد خر النبي صلى الله عليه وسلم مغشيا عليه حين رآه.
[2792]:كان ذلك في السماء عند سدرة المنتهى.