فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ} (6)

{ ذُو مِرَّةٍ فاستوى } المرّة : القوّة والشدّة في الخلق ، وقيل : ذو صحة جسم وسلامة من الآفات ، ومنه قول النبيّ : «لا تحل الصدقة لغنيّ ولا لذي مرّة سوي » وقيل : ذو حصانة عقل ، ومتانة رأي . قال قطرب : العرب تقول لكلّ من هو جزل الرأي ، حصيف العقل ذو مرّة ، ومنه قول الشاعر :

قد كنت قبلَ لِقائكُمُ ذا مِرّةٍ *** عندي لِكلّ مخاصِمٍ مِيزانُهُ

والتفسير للمرّة بهذا أولى ، لأن القوّة والشدّة قد أفادها قوله : { شَدِيدُ القوى } قال الجوهري : المرّة إحدى الطبائع الأربع ، والمرّة : القوّة وشدّة العقل ، والفاء في قوله : { فاستوى } للعطف على علَّمه ، يعني جبريل : أي ارتفع وعاد إلى مكانه في السماء بعد أن علم محمداً صلى الله عليه وسلم ، قاله سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير . وقيل : معنى استوى : قام في صورته التي خلقه الله عليها ، لأنه كان يأتي النبي في صورة الآدميين ، وقيل المعنى : فاستوى القرآن في صدره صلى الله عليه وسلم . وقال الحسن : فاستوى يعني : الله عزّ وجلّ على العرش .

/خ26