في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (2)

هذا الأسلوب الخاص يتناسب مع الصورة المروعة المفزعة التي يرسمها هذا المطلع بذاته . فالواقعة بمعناها وبجرس اللفظ ذاته - بما فيه من مد ثم سكون - تلقى في الحس كأنما هي ثقل ضخم ينقض من عل ثم يستقر ، لغير ما زحزحة بعد ذلك ولا زوال ! ( ليس لوقعتها كاذبة ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (2)

قيام القيامة ، وأصناف الناس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ( 1 ) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ( 2 ) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ( 3 ) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ( 4 ) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ( 5 ) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ( 6 ) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ( 7 ) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ( 8 ) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ( 9 ) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( 10 ) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ( 11 ) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( 12 ) }

1

المفردات :

وقعت الواقعة : حدثت وقامت القيامة .

ليس لوقعتها كاذبة : لا تكون نفس مكذِّبة لوقوعها يوم القيامة .

التفسير :

1 ، 2- { إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } .

تفتتح السورة هذا الافتتاح الرهيب الذي يعبر عن هول القيامة ، وتسمى الواقعة لتحقق وقوعها لا محالة ، كما قال سبحانه وتعالى : { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } . ( الحاقة : 15 ) .

ومن أسماء القيامة : القارعة ، والحاقة ، والآزفة ، والصاخّة ، والساعة ، وكلها تتلاقى على أن في هذا اليوم هولا عظيما .

فهي تسمى ( القيامة ) لأن الناس تقوم من القبور للحساب : { يوم يقوم الناس لربّ العالمين } . ( المطففين : 6 ) .

وتسمى ( الحاقة ) لأن مجيئها حق مؤكد .

وتسمى ( الآزفة ) لأن مجيئها قريب آزف .

قال تعالى : ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا . ( الإسراء : 51 ) .

وقال تعالى : أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ . ( النجم : 57-58 ) .

وتسمى ( الصاخة ) لأنها تصخ الآذان بأهوالها ، والصاخة نوع من العذاب ، أو مقدمة للعذاب ، وكذلك القيامة بالنسبة للكافرين .

وفي القيامة أصناف تظل في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله ، وهناك الآمنون المطمئنون يوم الفزع الأكبر ، لا يخافون إذا خاف الناس ، بل هم آمنون مطمئنون لفضل الله الكريم ، وجزائه العظيم .

وقد حذف الجواب لتذهب النفس في تصوره كل مذهب ، أو أن الجواب معروف مما ذكر بعد ذلك ، من قوله تعالى : خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ .

والمعنى :

إذا قامت القيامة ووقعت الواقعة الكبرى ، فذلك حق لا شك فيه ولا مراء ، ولا توجد نفس كاذبة منكرة لها ، كما كان ذلك في الدنيا ، بل هو اليقين بأن وعد الله قد تحقق وتأيّد .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (2)

لوقْعتها : لوقوعها وحدوثها .

كاذبة : كذب .

فلا يستطيع أحدٌ أن يكذِّب بها ، لأن قيامها حقٌّ لا شُبهة فيه .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (2)

وقوله تعالى : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } إما اعتراض يؤكد تحقيق الوقوع . أو حال من الواقعة كما قال ابن عطية ، و { كَاذِبَةٌ } اسم فاعل وقع صفة لموصوف محذوف أي نفس ، وقيل : مقالة والأول أولى لأن وصف الشخص بالكذب أكثر من وصف الخبر به . و { الواقعة } السقطة القوية وشاعت في وقوع الأمر العظيم وقد تخص بالحرب ولذا عبر بها هنا واللام للتوقيت مثلها في قولك : كتبته لخمس خلون أي لا يكون حين وقوعها نفس كاذبة على معنى تكذب على الله تعالى وتكذب في تكذيبه سبحانه وتعالى في خبره بها ، وإيضاحه أن منكر الساعة الآن مكذب له تعالى في أنها تقع وهو كاذب في تكذيبه سبحانه لأنه خبر على خلاف الواقع وحين تقع لا يبقى كاذباً مكذباً ، بل صادقاً مصدقاً ، وقيل : على معنى ليس في وقت وقوعها نفس كاذبة في شيء من الأشياء ، ولا يخفى أن صحته مبنية على القول بأنه لا يصدر من أحد كذب يوم القيامة ؛ وأن قولهم : { والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] مجاب عنه بما هو مذكور في محله أو اللام على حقيقتها ، و { كَاذِبَةٌ } صفة لذلك المحذوف أيضاً أي { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا } نفس كاذبة بمعنى لا ينكر وقوعها أحد ولا يقول للساعة لم تكوني لأن الكون قد تحقق كما يقول لها في الدنيا بلسان القول أو الفعل لأن من اغتر بزخارف الدنيا فقد كذب الساعة في وقعتها بلسان الحال لن تكوني ، وهذا كما تقول لمخاطبك ليس لنا ملك ولمعروفك كاذب أي لا يكذبك أحد فيقول : إنه غير واقع ، وفيه استعارة تمثيلية لأن الساعة لا تصلح مخاطباً إلا على ذلك إما على سبيل التخييل من باب لو قيل : للشحم أين تذهب ، وهو الأظهر وإما على التحقيق ، وجوز كون { كَاذِبَةٌ } من قولهم كذبت نفسه وكذبته إذا منته الأماني وقربت له الأمور البعيدة وشجعته على مباشرة الخطب العظيم ، واللام قيل : على حقيقتها أيضاً أي ليس لها إذا وقعت نفس تحدث صاحبها باطاقة شدتها واحتمالها وتغريه عليها .

وفي «الكشف » إن اللام على هذا الوجه للتوقيت كما على الوجه الأول ، وجوز أيضاً كون { كَاذِبَةٌ } مصدراً بمعنى التكذيب وهو التثبيط وأمر اللام ظاهر أي ليس لوقعتها ارتداد ورجعة كالحملة الصادقة من ذي سطوة قاهرة ؛ وروى نحوه عن الحسن . وقتادة ، وذكر أن حقيقة التكذيب بهذا المعنى راجعة إلى تكذيب النفس إلى كذبها وإغرائها وتشجيعها وأنشد على ذلك لزهير

: ليث بعثر يصطاد الرجال إذا *** ما الليث ( كذب عن أقرانه ) صدقاً

ويجوز جعل الكاذبة بمعنى الكذب على معنى ليس للوقعة كذب بل هي وقعة صادقة لا تطاق على نحو حملة صادقة ، وحملة لها صادق أو على معنى ليس هي في وقت وقوعها كذب لأنه حق لا شبهة فيه ، ولعل ما ذكر أظهر مما تقدم وإن روى نحوه عمن سمعت . نعم قيل : عليهما إن مجيء المصدر على زنة الفاعل نادر .

/خ1