مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَيۡسَ لِوَقۡعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (2)

المسألة الرابعة : { ليس لوقعتها } إشارة إلى أنها تقع دفعة واحدة فالوقعة للمرة الواحدة ، وقوله : { كاذبة } يحتمل وجوها ( أحدها ) كاذبة صفة لمحذوف أقيمت مقامه تقديره ليس لها نفس تكذب ( ثانيها ) الهاء للمبالغة كما تقول في الواقعة وقد تقدم بيانه ( ثالثها ) هي مصدر كالعاقبة فإن قلنا بالوجه الأول فاللام تحتمل وجهين ( أحدهما ) أن تكون للتعليل أي لا تكذب نفس في ذلك اليوم لشدة وقعتها كما يقال : لا كاذب عند الملك لضبطه الأمور فيكون نفيا عاما بمعنى أن كل أحد يصدقه فيما يقول وقال : وقبله نفوس كواذب في أمور كثيرة ولا كاذب فيقول : لا قيامة لشدة وقعتها وظهور الأمر وكما يقال : لا يحتمل الأمر الإنكار لظهوره لكل أحد فيكون نفيا خاصا بمعنى لا يكذب أحد فيقول : لا قيامة وقبله نفوس قائلة به كاذبة فيه ( ثانيهما ) أن تكون للتعدية وذلك كما يقال : ليس لزيد ضارب ، وحينئذ تقديره إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها امرؤ يوجد لها كاذب إن أخبر عنها فهي خافضة رافعة تخفض قوما وترفع قوما وعلى هذا لا تكون عاملا في { إذا } وهو بمعنى ليس لها كاذب يقول : هي أمر سهل يطاق يقال لمن يقدم على أمر عظيم ظانا أنه يطيقه سل نفسك أي سهلت الأمر عليك وليس بسهل ، وإن قلنا بالوجه الثاني وهو المبالغة ففيه وجهان ( أحدهما ) ليس لها كاذب عظيم بمعنى أن من يكذب ويقدم على الكذب العظيم لا يمكنه أن يكذب لهول ذلك اليوم ( وثانيهما ) أن أحدا لو كذب وقال في ذلك اليوم لا قيامة ولا واقعة لكان كاذبا عظيما ولا كاذب لهذه العظمة في ذلك اليوم والأول أدل على هول اليوم ، وعلى الوجه الثالث يعود ما ذكرنا إلى أنه لا كاذب في ذلك اليوم بل كل أحد يصدقه .