في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) . .

وهذه حقيقة عجيبة تكشف عن قاعدة الخلق في هذه الأرض - وربما في هذا الكون . إذ أن التعبير لا يخصص الأرض - قاعدة الزوجية في الخلق . وهي ظاهرة في الأحياء . ولكن كلمة( شيء )تشمل غير الأحياء أيضا . والتعبير يقرر أن الأشياء كالأحياء مخلوقة على أساس الزوجية .

وحين نتذكر أن هذا النص عرفه البشر منذ أربعة عشر قرنا . وأن فكرة عموم الزوجية - حتى في الأحياء - لم تكن معروفة حينذاك . فضلا على عموم الزوجية في كل شيء . . حين نتذكر هذا نجدنا أمام أمر عجيب عظيم . . وهو يطلعنا على الحقائق الكونية في هذه الصورة العجيبة المبكرة كل التبكير !

كما أن هذا النص يجعلنا نرجح أن البحوث العلمية الحديثة سائرة في طريق الوصول إلى الحقيقة . وهي تكاد تقرر أن بناء الكون كله يرجع إلى الذرة . وأن الذرة مؤلفة من زوج من الكهرباء : موجب وسالب ! فقد تكون تلك البحوث إذن على طريق الحقيقة في ضوء هذا النص العجيب . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

47

المفردات :

زوجين : صنفين مزدوجين ، ونوعين مختلفين .

التفسير :

49- { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } .

إثراء الحياة مترتب على العلاقة بين الذكر والأنثى ، نجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات وغيرها ، وقد امتن الله على عباده بهذه القدرة التي تثري الحياة ، فالمطر يترتب على علاقة بين سحابة موجبة وسحابة سالبة .

قال تعالى : { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } . ( الحجر : 22 )

وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الرياح تلقح النبات ، لكن إذا تأملنا في الآية وجدنا أن الرياح تلقّح السحاب لينزل المطر ، والرياح فعلا تلقّح النبات ، ولها آثار أخرى ، وقد امتن الله على عباده بأنه خلق الذكر والأنثى .

قال تعالى : { وما خَلََقَ الذكر والأنثى*إنّ سعيكم لشتّى . } ( الليل : 3-4 ) .

وقال عز شأنه : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة . . . }( النحل : 72 ) .

وحين كان نوح عليه السلام يصنع سفينته للنجاة من الطوفان ، أمره الله أن يحمل فيها من كلِّ زوجين اثنين ، لتبدأ الحياة مرة أخرى بين الذكر والأنثى .

قال تعالى : { حتى إذا جاء أمرنا وفار التَّنُّور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين . . . }( هود : 40 ) .

وبالنسبة للإنسان نجد أن الله خلق الرجل والمرأة ، وحين خلق آدم خلق من ضلعه حواء ، ومن نسلهما كانت البشرية .

قال تعالى : { يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالا كثيرا ونساءً . . . }( النساء : 1 ) .

ونجد مثل ذلك في الحيوان والطيور والزواحف والحشرات ، وأنواع النباتات والأزهار وغيرها .

قال الأستاذ أحمد مصطفى المراغي في تفسير قوله تعالى :

{ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } .

أي : إنا خلقنا لكل ما خلقنا من الأرض ثانيا له ، مخالفا له في مبناه والمراد منه ، وكل منهما زوج للآخر ، فخلقنا السعادة والشقاوة ، والهدى والضلال ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والسواد والبياض ، لتتذكروا وتعتبروا فتعلموا أن ربكم الذي ينبغي لكم أن تعبدوه وحده لا شريك له هو الذي يقدر على خلق الشيء وخلافه ، وابتداع زوجين من كل شيء ، لا ما لا يقدر على ذلك12 .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

ومن كل شيء خلقنا زوجين : ذكراً وأنثى .

وخلَق من كل شيء ذكراً وأنثى لاستمرار الحياة وبقائها إلى أن يشاءَ خالقُها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

{ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } [ أي : صنفين ] ، ذكر وأنثى ، من كل نوع من أنواع الحيوانات ، { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ لنعم الله التي أنعم بها عليكم ]{[862]}  في تقدير ذلك ، وحكمته حيث جعل ما هو السبب لبقاء نوع الحيوانات كلها ، لتقوموا بتنميتها وخدمتها وتربيتها ، فيحصل من ذلك ما يحصل من المنافع .


[862]:- كذا في ب، وفي أ: نعمة الله عليكم.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

" ومن كل شيء خلقنا زوجين " أي صنفين ونوعين مختلفين . قال ابن زيد : أي ذكرا وأنثى وحلوا وحامضا ونحو ذلك . مجاهد : يعني الذكر والأنثى ، والسماء والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، والنور والظلام ، والسهل والجبل ، والجن والإنس ، والخير والشر ، والبكرة والعشي ، وكالأشياء المختلفة الألوان من الطعوم والأراييح والأصوات . أي جعلنا هذا كهذا دلالة على قدرتنا ، ومن قدر على هذا فليقدر على الإعادة . وقيل : " ومن كل شيء خلقنا زوجين " لتعلموا أن خالق الأزواج فرد ، فلا يقدر في صفته حركة ولا سكون ، ولا ضياء ولا ظلام ، ولا قعود ولا قيام ، ولا ابتداء ولا انتهاء ؛ إذ عز وجل وِتْرٌ " ليس كمثله شيء{[14258]} " [ الشورى : 11 ] . " لعلكم تذكرون " .


[14258]:راجع جـ 16 ص 8.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

ولما كانت الأشياء المتضادة من الشيء الواحد أدل على القدرة من هذا الوجه ، قال : { ومن كل شيء } أي من الحيوان وغيره { خلقنا } بعظمتنا . ولما كان الفلاسفة يقولون : لا ينشأ عن الواحد إلا واحد ، قال رداً عليهم : { زوجين } أي مثله شيئين كل منهما يزاوح الآخر من وجه وإن خالفه من آخر ، ولا يتم نفع أحدهما إلا بآخر من الحيوان والنبات وغيرها ويدخل فيه الأضداد من الغنى والفقر ، والحسن والقبح ، والحياة والموت ، والضياء والظلام ، والليل والنهار ، والصحة والسقم ، والبر والبحر ، والسهل والجبل ، والشمس والقمر ، والحر والبرد ، والسماوات والأرض ، وأن الحر والبرد من نفس جهنم آية بينة عليها ، وبناءهما على الاعتدال في بعض الأحوال آية على الجنة مذكرة بها مشوقة إليها .

ولما كان ذلك في غاية الدلالة على أن كلاًّ من الزوجين يحتاج إلى الآخر وأنه لا بد أن ينتهي الأمر إلى واحد لا مثل له وأنه لا يحتاج بعد ذلك التنبيه إلى تأمل كبير قال : { لعلكم تذكرون * } فأدغم تاء التفعل الدالة على العلاج والاجتهاد والعمل فصار : فتكونوا عند من ينظر ذلك حق النظر على الرجاء من أن يتذكروا قليلاً من التذكر فيهديكم إلى سواء السبيل .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

قوله : { ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } أي خلق الله صنفين مختلفين من كل شيء في الوجود . فسائر المخلوقات أصناف وأنواع مختلفة ومتكاملة . وذلك كالذكر والأنثى ، والسماء والأرض ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والنور والظلام ، والسهل والجبل ، والبر والبحر ، والحلو والمر ، والخير والشر ، والحياة والموت ، والحق والباطل ، والسعادة والشقاء ، والإيمان والكفر ، وغير ذلك من المعاني المتقابلة والخلائق المختلفة التي يكمل بعضها بعضا ، أو يتمم الواحد منها الآخر . لا جرم أن ذلك برهان أكبر على قدرة الصانع الحكيم الذي لا إله غيره وهو قوله : { لعلكم تذكرون } أي لتتدبروا وتوقنوا أن الله حق وأنه خالق كل شيء وأنه البديع المقتدر .