محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

{ ومن كل شيء خلقنا زوجين } أي ذكرا وأنثى ، أو نوعين متقابلين .

قال ابن كثير : جميع المخلوقات أزواج : سماء وأرض . وليل ونهار . وشمس وقمر . وبر وبحر . وضياء وظلام . وإيمان وكفر . وموت وحياة . وشقاء وسعادة . وجنة ونار . حتى الحيوانات والنباتات . انتهى . وهو مأخوذ من كلام ابن جرير في تأييد تفسير مجاهد ، وعبارة ابن جرير :{[6783]}

وأولى القولين في ذلك قول مجاهد : وهو أن الله تبارك وتعالى خلق لكل ما خلق من خلقه ثانيا له ، مخالفا في معناه . فكل واحد منهما زوج للآخر ، ولذلك قيل { خلقنا زوجين } وإنما نبه جل ثناؤه بذلك من قوله : ( خلقه ) على قدرته على خلق ما يشاء ، وأنه ليس كالأشياء التي شأنها فعل نوع واحد دون خلافه ، إذ كل ما صفته فعل نوع واحد دون ما عداه ، كالنار التي شأنها التسخين ولا تصلح للتبريد ، وكالثلج الذي شأنه التبريد ولا يصلح للتسخين ، فلا يجوز أن يوصف بالكمال ، وإنما كمال المدح للقادر على فعل كل ما شاء فعله من الأشياء المختلفة والمتفقة . انتهى .

{ لعلكم تذكرون } قال ابن جرير :{[6784]} أي لِتَذَكَّرُوا وتعتبروا بذلك ، فتعلموا / أيها المشركين بالله ، أن ربكم الذي يستوجب عليكم العبادة ، هو الذي يقدر على خلق الشيء وخلافه ، وابتداع زوجين من كل شيء ، لا ما لا يقدر على ذلك .


[6783]:انظر الصفحة رقم 8 من الجزء السابع والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(
[6784]:انظر الصفحة رقم 9 من الجزء السابع والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.