البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمِن كُلِّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (49)

{ فنعم الماهدون } ، و { خلقنا زوجين } ، قال مجاهد : إشارة إلى المتضادات والمتقابلات ، كالليل والنهار ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلال ، والسماء والأرض ، والسواد والبياض ، والصحة والمرض ، والكفر والإيمان ، ونحو ذلك ، ورجحه الطبري بأنه أدل على القدرة التي توجد الضدين ، بخلاف ما يفعل بطبعه ، كالتسخين والتبريد .

ومثل الحسن بأشياء مما تقدم وقال : كل اثنين منها زوج ، والله تعالى فرد لا مثل له .

وقال ابن زيد وغيره : { من كل شيء } : أي من الحيوان ، { خلقنا زوجين } : ذكراً وأنثى .

وقيل : المراد بالشيء الجنس ، وما يكون تحت الجنس نوعان : فمن كل جنس خلق نوعين من الجواهر ، مثل النامي والجامد .

ومن النامي المدرك والنبات ، ومن المدرك الناطق والصامت ، وكل ذلك يدل على أنه فرد لا كثرة فيه .

{ لعلكم تذكرون } : أي بأني باني السماء وفارش الأرض وخالق الزوجين ، تعالى أن يكون له زوج .

أو تذكرون أنه لا يعجزه حشر الأجساد وجمع الأرواح .

وقرأ أبي : تتذكرون ، بتاءين وتخفيف الذال .

وقيل : إرادة أن تتذكروا ، فتعرفوا الخالق وتعبدوه .