في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب ، لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه . يجيء لتقرير الإحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره ، وهو صدق الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه . بشهادة أن الله لم يأخذه أخذا شديدا . كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ :

( ولو تقول علينا بعض الأقاويل . لأخذنا منه باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين ) . .

ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] صادق فيما أبلغهم . وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه ، لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات . ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق .

هذه هي القضية من الناحية التقريرية . . ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر ، يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري . ظلالا فيها رهبة وفيها هول . كما أن فيها حركة وفيها حياة . ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات !

فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين . وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته . ووراءها الإيحاء بقدرة الله العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعفه . . البشر أجمعين . . كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان . ولو كان هو محمد الكريم عند الله الأثير الحبيب . ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

38

تقوّل علينا : افترى واختلق وادّعى علينا .

باليمين : بيمينه ، أو بالقوة والقدرة .

الوتين : نياط القلب ، أو نخاع الظهر .

عنه حاجزين : مانعين الهلاك عنه .

44 ، 45 ، 46 ، 47- ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل* لأخذنا منه باليمين* ثم لقطعنا منه الوتين* فما منكم من أحد عنه حاجزين .

ولو ادّعى محمد علينا بعض الادعاء ، أو نسب إلينا شيئا لم نقله ، لعاقبناه عقوبة عاجلة ، شبيهة بغضب بعض الملوك على من يكذب عليه ، حيث يمسك السياف بيمين الجاني ثم يكفحه بالسيف ، ويضرب عنقه فيقطع منه الوتين ، وهو عرق متصل بالقلب إذا قطع قضي على صاحبه ومات .

فما منكم من أحد عنه حاجزين .

فما يستطيع أحد من الناس أن يحجزنا ، أو يحول بيننا وبينه في إهلاكه وقتله وقطع وتينه ، إذ ليس ذلك في قدرة أحد أو إمكانه .

ولمّا لم يحدث شيء من ذلك ، كان محمد رسولا من عند الله ، صادقا في أن وحي السماء ينزل عليه ، وفي أن القرآن تنزيل من رب العالمين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

الوتين : الشريان الرئيسي الذي يغذي الجسمَ بالدم النقي الخارج من القلب ، فإذا قطع هذا العِرقُ مات الإنسان حالا .

وقطَعْنا منه نِياطَ قلبه فيموتُ حالا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } وهو عرق متصل بالقلب إذا انقطع مات {[1222]} منه الإنسان ، فلو قدر أن الرسول -حاشا وكلا- تقول على الله لعاجله بالعقوبة ، وأخذه أخذ عزيز مقتدر ، لأنه حكيم ، على كل شيء قدير ، فحكمته تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه ، الذي يزعم أن الله أباح له دماء من خالفه وأموالهم ، وأنه هو وأتباعه لهم النجاة ، ومن خالفه فله الهلاك .

فإذا كان الله قد أيد رسوله بالمعجزات ، وبرهن على صدق ما جاء به بالآيات البينات ، ونصره على أعدائه ، ومكنه من نواصيهم ، فهو أكبر شهادة منه على رسالته .


[1222]:- في ب: هلك.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثم لقطعنا منه الوتين } وهو نياط القلب أي لأهلكناه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

" ثم لقطعنا منه الوتين " يعني نياط القلب ، أي لأهلكناه . وهو عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه ، قاله ابن عباس وأكثر الناس . قال :

إذا بَلَّغَتْنِي وحملت رحلي*** عَرَابَةُ فاشْرَقِي{[15325]} بدم الوَتِينِ

وقال مجاهد : هو حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع ، فإذا انقطع بطلت القوى ومات صاحبه . والمَوْتُون الذي قطع وتينه . وقال محمد بن كعب : إنه القلب ومَرَاقّه وما يليه . قال الكلبي : إنه عرق بين العلباء والحلقوم . والعلباء : عصب العنق . وهما علباوان بينهما ينبت العرق . وقال عكرمة : إن الوتين إذا قطع لا إن جاع عَرَف ، ولا إن شبع عَرَف .


[15325]:شرق (من باب طرب): غص.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

ولما صور مبدأ الإهلاك بأفظع صورة ، أتمه مشيراً إلى شدة بشاعته بحرف التراخي فقال : { ثم لقطعنا } حتماً بلا مثنوية بما لنا{[68203]} من العظمة{[68204]} قطعاً يتلاشى عنده كل قطع { منه الوتين } أي العرق الأعظم في العنق الثابت الدائم المتين الذي يسمى الوريد ، وهو بين العلباء والحلقوم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه{[68205]} نياط القلب ، وفي القاموس : عرق في القلب إذا{[68206]} انقطع مات صاحبه - انتهى . واختير التعبير به لأن مادته بهذا الترتيب تدور على المتانة والدوام ، فلذا كان يفوت صاحبه بفواته ، وقال ابن برجان : عرق متصل بنياط القلب مستبطن للصلب يملأ الجسد كله تسقيه الكبد وهي{[68207]} بيت الدم وهو يجري منها الدم في البدن{[68208]} يأخذ منه{[68209]} ستون عرقاً هي أنهار الدم في الجسد كله ، من هذه الأنهار تأخذ عروق الجسد ثمانية عشر تسقي الصدر ، وسبعة تسقي العين ، وأربعة تسقي الدماغ ، والوتين من مجمع الوركين إلى مجمع الصدر بين الترقوتين ، ثم ينقسم عنه سائر العروق إلى سائر الجسد ، ولا يمكن في العادة الحياة بعد قطعه ، وفي المائدة عند قوله{[68210]}

{ والله يعصمك من الناس }[ المائدة : 67 ] ما ينفع هنا{[68211]} .


[68203]:- من ظ وم، وفي الأصل: عنده من المثنوية.
[68204]:- من ظ وم، وفي الأصل: إن.
[68205]:- من ظ وم، وفي الأصل: إن.
[68206]:- زيد في الأصل: ما، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68207]:- من م، وفي الأصل وظ: هو.
[68208]:- من م، وفي الأصل وظ: الجسد.
[68209]:- من ظ وم، وفي الأصل: منها.
[68210]:- سقط من ظ وم.
[68211]:- من ظ وم، وفي الأصل: هذا.